على رأس وفد كبير يضم وزراء الدفاع خالد العبيدي، والمالية هوشيار زيباري، والنفط عادل عبد المهدي، والتعليم العالي حسين الشهرستاني، يبدأ اليوم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية بدعوة من الرئيس باراك أوباما. وكان العبادي التقى الجمعة الماضي، على خلفية زيارته مدينة النجف لحضور مجلس العزاء المقام على رجل الدين الشيعي البارز محمد بحر العلوم، المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني وبحث معه، طبقا للبيان الذي صدر عن مكتبه عقب الزيارة، «مستجدات الأوضاع العامة في البلد، وتوحيد الصفوف من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وخدمة المواطنين، وأن تكون كل الجماعات التي تحمل السلاح تحت سيطرة الدولة». وأبلغ مسؤول عراقي، طلب عدم الكشف عن اسمه، «الشرق الأوسط» بأن «العبادي الذي من المقرر أن يلتقي أوباما غدا، حصل على تفويض هام من السيد السيستاني بشأن واحدة من أهم القضايا التي كانت خلافية ليس بين الشيعة والسنة اليوم في العراق، بل حتى داخل مكونات التحالف الوطني الشيعي متمثلة بالموقف من الحشد الشعبي الذي تشكل بعضه بناء على فتوى من المرجع السيستاني نفسه، بينما انتمى إليه العديد من الفصائل والميليشيات الشيعية المسلحة». وأشار المسؤول إلى «الإشكاليات التي ظهرت على صعيد مشاركة الحشد الشعبي في المعارك ضد تنظيم داعش وعدم قبوله في بعض المحافظات ذات الغالبية السنية لأسباب، قسم منها ذو بعد طائفي، بينما قسمها الآخر يتعلق بالدعم الإيراني لهذه الفصائل التي ترفع الرايات والصور الإيرانية، بما فيها صور زعامات، مما شكل عامل استفزاز عانى منه العبادي كثيرا». وأوضح المسؤول العراقي أن «إصرار المرجع على أن يكون الحشد الشعبي تحت مسؤولية الدولة ويأتمر بأمر القائد العام ولا يرفع سوى راية واحدة هي العلم العراقي، سيكون داعما لمباحثات العبادي مع أوباما، لا سيما أن الرئيس الأميركي قد يكون يحمل فكرة سلبية عن الحشد وصلته من قيادات عراقية». وبشأن الملفات التي سيبحثها العبادي، أوضح المسؤول العراقي أن «العبادي سيبحث التهديد الذي لا يزال يمثله (داعش) على العراق وعلى المنطقة بشكل عام»، مضيفا أن «العبادي يعلم أن لدى الأميركيين موقفا مختلف من هذه القضايا، لكن العراق يريد تعزيز الموقف الأميركي لجهة الوقوف بحزم أكثر ضد التنظيم، بينما يتفهم العراق المواقف الأميركية حيال القضايا الإقليمية؛ لأن مساحة المصالح الأميركية أكبر في المنطقة». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان العبادي سيطلب أسلحة على طريقة الدفع بالآجل، قال المسؤول العراقي: «حسب علمي ومعلوماتي، فإن هذا بالفعل ما سيطلبه العبادي، وأتوقع استجابة أميركية؛ لأن واشنطن تعرف حجم الخطر المحدق بالعراق، لا سيما في ظل انخفاض أسعار النفط». من جهته، أكد المتحدث الإعلامي باسم رئيس الوزراء رافد جبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم الملفات التي سوف تكون موضع بحث خلال المباحثات بين العبادي وأوباما هي الملف الأمني والعسكري؛ إذ يطالب العراق بالمزيد من الدعم في هذا المجال، خصوصا على صعيدي التسليح والتدريب». وأضاف جبوري أن «التسليح موجود، وكذلك التدريب، حيث تم قطع شوط مهم على هذا الصعيد، لكنه لا يكفي، بالإضافة إلى حاجة العراق إلى الدعم الجوي من قبل الولايات المتحدة الأميركية»، مشيرا إلى أن «طائرات إف 16 التي استوردها العراق من الولايات المتحدة جاهزة، لكن طياريها ما زالوا يتدربون على استخدامها». وأوضح جبوري أن «رئيس الوزراء سيؤكد خلال هذه الزيارة على أهمية تسريع الدعم العسكري والفني وتسريع تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين». وتابع جبوري أن «من بين المسائل التي ستجري مناقشتها الجوانب الاقتصادية، حيث من المتوقع أن يتم التفاهم على الكيفية التي يمكن من خلالها للولايات المتحدة الأميركية تقديم تسهيلات في الجانب الاقتصادي حتى يعبر العراق الأزمة الاقتصادية الحالية». بدورها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول عراقي كبير قوله إن العبادي سيطلب مساعدة الرئيس الأميركي للحصول على طائرات من دون طيار وأسلحة أميركية أخرى بمليارات الدولارات. وأضاف المسؤول: «نحن نتحدث عن مليارات... هذا نهج جديد بالنسبة لنا بسبب نطاق التحدي الذي نواجهه. ستكلفنا الموصل ونينوى والأنبار الكثير». ولمح المسؤول إلى أن بغداد قد تتحول إلى طهران إذا لم تحصل على المساعدات التي تريدها من واشنطن. وتابع: «إذا لم يكن ذلك متاحا فقد فعلنا ذلك بالفعل مع الإيرانيين وآخرين»، مضيفا أن هذا ليس الخيار الأول. وقال: «رئيس الوزراء ملتزم (بالتعاون) مع الولايات المتحدة... ما يريده هو التأكد من أن لدينا شريكا يمكن الاعتماد عليه». وكشف المسؤول أن العبادي لديه قائمة طلبات بأسلحة متقدمة تشمل طائرات من دون طيار وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز «أباتشي» التي تصنعها شركة بوينغ، وذخيرة وأسلحة أخرى. ونظرا لعلمه بالوقت الذي يستغرقه تدريب الطيارين فمن المحتمل أن يبحث العبادي أيضا أن تزود الولايات المتحدة العراق بطائرات أباتشي علاوة على طيارين لقيادتها. من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي اليستير باسكي إن الولايات المتحدة ستواصل التشاور مع قادة العراق لضمان حصولهم على احتياجاتهم لقتال «داعش». وأضاف: «الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم العتاد اللازم لقوات الأمن العراقية، بما في ذلك القوات الكردية في إطار التحالف ضد (داعش)». بدوره، قال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر للصحافيين أثناء زيارة إلى هاواي، إنه يتوقع أن يلتقي العبادي في واشنطن. وأجاب ردا على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدرس تقديم معدات بينها طائرات أباتشي مع تأجيل السداد: «سندرس أي طلب يتقدم به.. نقدم كل عون ممكن لمواجهة حملة تنظيم داعش في العراق عن طريق الحكومة العراقية، وهذا هو ما نود أن نستمر في القيام به».