كان بإمكان الرئيس أوباما أن يصمت بعد اتفاق الإطار مع إيران طالما هو يعرف أن صيغة الاتفاق ليست مقنعة كثيرا للعالم الذي يتابع هذا الملف منذ وقت طويل، وإذا كان لا بد من التعليق والتفسير، فإن أي شيء يقوله ربما يكون في إطار المقبول ما عدا تزكية إيران إلى حد الاقتراب من الدفاع عنها بشكل صريح. يقول الصحافي توماس فريدمان، في مقدمته لحواره مع أوباما الأسبوع الماضي، إنه توصل إلى ما أسماه «عقيدة أوباما» بعد الحوار، وتتلخص في مبدأ التفاعل الذي يمكن أن يقدم خدمات عظيمة للمصالح الأمريكية من خلال التعامل وجها لوجه بدلا من فرض العقوبات وحالة العزلة الدولية التي لا نهاية لها. حسنا، لا اعتراض على هذا المبدأ، ولكن لا بد من التأكد من جدية وصدقية الطرف الآخر الذي يتفاعل معه ويتعامل وجها لوجه قبل أن يرفع عنه العقوبات ويخرجه من حالة العزلة، وها هي لم تمض سوى أيام قليلة حتى خرج خامئني وكاد ينسف تماما ما تم الاتفاق عليه، فكيف لو تم إعطاء إيران تنازلات أكثر. وحتى لو تبرع أوباما بتنظيف سمعة إيران وتلميعها أو منحها ثقته، فذلك راجع لتقييمه وتقديره، ولكن عندما يتحدث سلبا بما يشبه التأنيب عن الدول المجاورة لإيران، ودول مجلس التعاون تحديدا، ويبرئ إيران من خطرها عليهم بالتأكيد على أن مشاكلها الداخلية أخطر عليها من إيران، فإنه بذلك قد أعلن عدم الحياد بشكل لا يليق بالدولة الكبرى التي تزعم سعيها لتحقيق السلام ومنع مصادر الخطر المتمثلة في الإرهاب وتهديد أمن الدول والمجتمعات وتصدير الفتن وتقويض الوئام بين مكونات الشعوب. لقد تسرع كثيرا أوباما ولم يمهل نفسه قليلا من الوقت لرصد طبيعة الأداء الإيراني بعد الاتفاق، وتسرع أكثر في حكمه على الآخرين بطريقة لا يتفق معها كل من يعرف جيدا سياسة إيران التي لم تتغير منذ بداية حكم الملالي، ولا توجد مؤشرات تدل على احتمال تغيرها مستقبلا. كل دولة لها مشاكلها الداخلية، وأمريكا ليست استثناء، لكنها مهما كانت لا يمكن أبدا الاتكاء عليها لإنكار خطر خارجي حقيقي كالذي تمثله إيران من خلال تصرفاتها السيئة مع دول الجوار وتعمدها الإضرار بها بشكل علني ومتكرر. والأيام ستريك يا فخامة الرئيس كيف ستبادلك إيران شعورك الحميم الذي استجد تجاهها.