من يصل إلى مركز أو منصب لا يستحقه يفقد نصف عقله، وعندما يزاح أو يعزل يفقد البقية، ولربما يلدغ المؤمن من جحر أكثر من مرة، ومن عادة النصابين والكذبة والحيالة انتحال أسماء وصفات وأنساب وهمية، وفي زمن الحمرية جال في سوق خميس الباحة أحدهم وتبضع ما تطلعت إليه نفسه ومر بأحد كبار السن واشترى منه بنا وسكرا وشايا وعندما طالبه بالثمن قال «أنا فلان من الزرقاء موعدنا دور اليوم» واختفى زمنا ثم عاد لممارسة النصب واقتحم دكان الشيبة عطية ولم يعرفه لطول العهد ولتبدل الملامح وتبضع وعندما هم بالخروج صاح عطية الدراهم قال «دور اليوم وهي عندك أنا فلان من رغدان»، وغاب دهرا ثم جاء بشوارب كثة ودقن مخنجرة وتبضع فعرفه الشيبة عطية وما أن قضى لزومه قال هذي المرة من الزرقاء وإلا من رغدان، فرد الحيال «زرقواني رغدواني». والرئيس علي عبدالله صالح من هذه الفصيلة من البشر المتلون وتاريخه ومواقفه تشهد، ولو قرأ راصد تاريخ وقدرات قيادات اليمن السابقة لاتضح الفرق بين أبي أحمد وبين رجال دولة منهم سالمين (سالم ربيع علي) وإبراهيم الحمدي، وأحمد حسن الغشمي وعبدالفتاح إسماعيل والإرياني والسلال وعلي سالم البيض فهؤلاء الزعماء يتمتعون بتكوين سياسي وتكوين معرفي ومنهجهم ليس منهج رجل عصابات يبدل مواقفه مثلما يبدل ملابسه (وإذا كان سراق الديار من أهلها، فذاك الذي غطى على كل سارق)، ولاحظت أن علي صالح يحب يحكك قفاه فتذكرت المثل «اللي يمسح وجهه يستحي، واللي يحك جبهته فيها مغدى وماجى، واللي يحك قفاته لا يغدي ولا يجي»، وعلى ذكر اخلاف المواعيد وتبدل المواقف يقول شاعرنا أحمد بن قحطان (وراك توعد وتخلف يا بونيان، هو أنت من الحمدة وإلا من الراعب، الله حسبي على من قال هيا اسرح، صداق وأنا البشيري من صدق نيه).. وسلامتكم.