تستثمر شركات ومصانع الألمنيوم في السعودية موجات الغبار الأخيرة التي ضربت البلاد منذ نحو أسبوع وما زالت مستمرة حتى الآن في عدد من المدن، وذلك عبر الترويج لمنتجاتها في محاولة لتنشيط المبيعات، على اعتبار أن هذه الفترة تعد الموسم الذهبي لنحو 20 مصنعا من كبريات العاملين في القطاع، في حين تسيطر المصانع الصغيرة والورش على الحصة المتبقية من صناعة الألمنيوم في السعودية. ويبدو لافتا هذا النشاط الدعائي في وسائل التواصل الإلكتروني بصورة كبيرة، سواء عبر رسائل الجوال القصيرة أو من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تفيد إحدى هذه الشركات بأن «لديها الحل لمنع الغبار من الدخول إلى المساكن»، وتقول أخرى «بانتظاركم لجعل منازلكم مقاومة للأتربة والغبار»، وتروّج شركة أخرى لستائر «الرول شتر» تحت شعار «العزل من الغبار». ويتزامن ذلك مع التحذيرات المناخية المستمرة التي أطلقتها جهات رسمية في السعودية وما زالت مستمرة حتى الآن، مما أدى إلى تعليق الدراسة في عدة مناطق في البلاد، وهو ما يستمر حاليا للأسبوع الثاني على التوالي، الأمر الذي فتح شهية مستثمري قطاع الألمنيوم لتوجيه الأعين نحو منتجاتهم، عملا بمقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد». يأتي ذلك في حين تفصح الهيئة العامة للاستثمار عبر موقعها الإلكتروني، بأن «هناك خطة استثمارية مستقبلية تقدر بمليارات الدولارات لتطوير قطاع الألمنيوم في السنوات المقبلة»، بالنظر لكون السعودية تحتوي مواردها المعدنية الهائلة على البوكسيت، والفوسفات، والزنك، والنحاس والذهب، مع توفر التكلفة المنخفضة للطاقة بالبلاد، مما أعطاها ميزة إيجابية في مجال إنتاج الفولاذ والتعدين. ويوضح محمد حسن الحصان، مدير عام مصنع الحصان للألمنيوم والأعمال المعدنية والخشبية، أن للألمنيوم أنظمة متعددة تعمل على مواجهة الغبار، منها السحاب والقطع المفصلي، قائلا: «أفضل شيء للحد من الغبار هو النظام المفصلي لأنه محكم الإغلاق، ومن المستحيل أن يدخل الغبار معه، أما بالنسبة للسحاب فيتضمن (فراشي) بين الدرفتين، وفي الأنواع الجيدة يجري التركيز على هذه الفراشي بصورة كبيرة، لقدرتها في الحد من الغبار». وعن الأسعار يفيد الحصان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «هذه الأنواع سماكتها عالية وبالتالي سعرها أعلى، وكلما قلت سماكة الألمنيوم كلما قل سعره.. بالتالي فإن القطع الرخيصة لا تهتم كثيرا بالفراشي»، ويرى الحصان أن «غالبية الناس لا يمتلكون ثقافة بناء وليس لديهم الخلفية الكافية بهذه المتطلبات، بالنظر لكونهم يبنون منازلهم مرة واحدة في العمر ودون سابق تجربة». ويتابع: «الكثيرون يعتقدون أن الألمنيوم شيء ثانوي، وهذا الكلام غير صحيح، فالألمنيوم منظره جمالي إلى جانب دوره الوقائي في الظروف المناخية السيئة، سواء في الغبار أو الأمطار أو مع ارتفاع درجات الحرارة، فالغبار مشكلة كبيرة صحيا إلى جانب أنه يتلف البيت من الداخل، أما الحرارة فهي تزيد من استهلاك الكهرباء، وكذلك فإن تسرب الماء وقت الأمطار يُتلف الأثاث والبيت بأكمله». من جهة ثانية، يصف الحصان الاستثمار في الألمنيوم بكونه «المجال المظلوم»، مفيدا بأن نحو 95 في المائة من العاملين في هذا القطاع هم من الأجانب، وذلك بالنسبة لملاك المصانع وليس العاملين المهنيين، قائلا: «هو استثمار مهني حرفي يعتمد على الأيدي العاملة، ومنذ البداية كان العاملون في هذا المجال من الوافدين الأجانب، كانوا يعملون بأيديهم ثم أصبحوا أصحاب مصانع كبرى حاليا، وتحكموا في القطاع». وعن العلاقة بين مصانع الألمنيوم والمهندسين، يقول الحصان: «قلة قليلة جدا من المهندسين هم الذين يفهمون بالألمنيوم، فمعظمهم يفهم بالخرسانات والحديد وغيرها من مواد البناء، لكن عندما يصل الأمر إلى الألمنيوم يتضح أنه يجهل الكثير، وهنا يُحضر المهندس القالب العالمي للألمنيوم (نسخ ولصق) ثم يقدمه للعمل عليه». يأتي ذلك في حين يكشف تقرير اقتصادي حديث بأن دول مجلس التعاون الخليجي من المراكز الريادية للنشاطات التجارية الخاصة بالألمنيوم، حيث يجري استغلال 40 في المائة من إنتاجها من قبل الصناعات التحويلية في المنطقة التي تخدم الأسواق الخليجية والعالمية، بينما يجري تصدير الجزء الآخر من الألمنيوم الأولي لمناطق مختلفة حول العالم. وأشارت تقديرات إلى أن إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من الألمنيوم سيرتفع إلى 9 ملايين طن بحلول عام 2022، ويعد إنتاج الألمنيوم في دول مجلس التعاون الخليجي ذا جودة عالية جدا، حيث إن المصانع مجهزة بأحدث المعدات وتتسم هذه المصانع بكونها الأكثر تقدما حول العالم في ما يتعلق بحماية البيئة، وتعتبر كل من السعودية والإمارات من بين أكبر أسواق الألمنيوم في منطقة الخليج.