اللسان من نعم الله العظيمة على الإنسان، يترجم الفكر، ويصف المشاعر، ويزن الخطاب والبيان. وفصاحة اللسان هبة من الله لمن يشاء تنجي الإنسان من المهالك وتفتح له كل المسالك لتحقيق تطلعاته وأمانيه وربما تخلد اسمه مع أسماء العظماء، مقابل ذلك فللسان عثرات تربك المدارك وتورد المهالك، بل إن معظم مصائب الإنسان من عثرات اللسان. روى الإمام الترمذي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان ـ تذل له وتخضع ـ تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمتَ استقمنا وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا). وكان ابن مسعود يحلف أن ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان، أما يحيى بن معاذ فيقول: القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها فانظر إلى الرجل حين يتكلم فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه. يقول العرب عن اللسان: المرء مخبوء تحت لسانه فإذا نطق ظهر. وما حســن الرجــال لهــم بحسـن إذا مــــا أخـطأ الحســـن البيــان وقد يرجـى لجــرح السـيف برء ولا بـــرء لمـــا جـــرح اللســـان ويقول ابن السكيت وهو من علماء اللغة وعالم نحوي وأديب شهير: مــوت الفتــى مــن عثــرة بلسـانه وليس يمـوت المـرء مـن عثرة الرجل فعثرته مــن فيــه ترمــي برأسه وعثرتـه بالرجـل تبرى على مهل حتى شعراء النبط في هذا العصر حذروا من زلات اللسان، فهذا شباب السلمي يقول: يقولون الرجال الذكر يبقى والعمار تبيد وزلات اللسان أشد من زلات الأقدامي كل هذه الأحاديث والأقوال المأثورة والحكم والأشعار التي تحذر من خطر اللسان على الإنسان تزخر بها الكتب والمقالات والبرامج ويرددها الناس، ورغم ذلك تعجب كيف يتعثر الرجل بلسانه ويتعثر ويتعثر ولا يستفيد من عثراته. ليس منا من هو معصوم عن الخطأ، وكل إنسان معرض لعثرة اللسان إلا ما ندر، لكن تكرر العثرات يفقد الإنسان الكثير من مكانته ويعرضه لإحراجات هو في غنى عنها وربما يُسأل عنها ويعاقب عليها. من هؤلاء رئيس نادي الاتحاد إبراهيم البلوي، فهو إنسان مجتهد وجد نفسه في واجهة الأحداث والأضواء مسلطة عليه فلم يتردد في الحديث لكنه تعثر وتكررت عثراته بالقول بعد كل تعثر لفريقه، وأحياناً ليس ثمة مناسبة لكنه يتحدث فيتعثر ويتكرر كلاكيت التعثر عدة مرات. أخبار كثيرة ووعود أكثر أطلقها ولم يتحقق معظمها، واتهاماته لنائبه السابق عادل جمجوم، ووصفه لمن لا يدعم إدارته من الاتحاديين بـ (أشباه)، ولا أدري هل يقصد أشباه اتحاديين أم شيئا آخر، ثم قذعه لرؤساء الاتحاد الذين سبقوه بالجهل والسوء. أما حديثه عقب خسارة فريقه أمام النصر عن فساد اتحاد الكرة فهو التعثر الأكبر له هذا الموسم، ومن المؤكد أنه لن يمر كما مرت بسلام جملة العثرات السابقة، فالموضوع تجاوز العبارات غير اللائقة إلى اتهام رئيس اتحاد الكرة ورئيس لجنة الحكام في أمانتهما ونزاهتهما. قال البلوي: هذي المباراة وأي مباراة سابقة تضررنا فيها أحمل مسؤوليتها عمر المهنا وأحمد عيد وكورتنا فيها فساد فساد فساد، وأشار إلى أن اتحاد الكرة يجامل النصر وأنه يعرف أشياء لا يود الحديث عنها. تعثر لسان البلوي هذه المرة ليس كمثل كل مرة، فالعقوبة بانتظاره وقد تصل لغرامة مالية وإيقاف لمدة عام وهنا تكون يداه أوكتا وفوه نفخ، ولكن من يدري فقد يكون ما حدث تعثر مقصود لا عثرة لسان والهدف من تكرر العثرات هو الوصول لهذه النتيجة والحصول على قرار الإيقاف ليكون بوابة الخروج ومبرر الاستقالة.