لا شك أننا نملك الشرعية في عملية عاصفة الحزم، ولكن من يتتبع أداء إعلامنا الرسمي والخاص يشهد غياباً غير مبرر على الساحة الدولية، إذ نفتقر إلى قنوات تلفزيونية موجهة باللغات الإنكليزية والفرنسية مثلاً، فمؤتمرات وتصريحات سفيرنا في واشنطن -للأسف- لم تستغل بشكل مهني؛ لإيصال موقف المملكة مما يجري على حدودها الجنوبية، أو موقفها من الاتفاق المبدئي بين الدول الخمس +1 وإيران. لا شك أن تعبئة الرأي العام المحلي والعربي تقوم به وسائل إعلام رسمية وخاصة على أكمل وجه، ولكن في الأزمات والحروب لا يكفي أن نسمع أصواتنا فقط على رغم أهمية ذلك، ولكن الساحتين الإقليمية والدولية تأتيان في درجة الأهمية نفسها أو متقدمة عليها، ولاسيما في الظروف التي نمر بها الآن. دول كثيرة تملك إذاعات ومحطات تلفزيونية موجهة، ودول كثيرة فعلت هذه الإذاعات في الحروب منذ عشرات السنيين، فكلنا يتابع المحطات التلفزيونية الموجهة إلى عالمنا العربي، مثل قنوات «بي بي سي وروسيا اليوم» و«الفرنسية»، وكلها ناطقة باللغة العربية، أما دول الجوار وفي محيطنا الإقليمي فلم تغفل هذا الجانب مثل القناة التركية وقنوات إيرانية أو تابعة لها، كلها تعمل على كسب الرأي العام العربي في قضايا متعددة. أما نحن فجهدنا في هذا المجال شبه معدوم، أو أنه متواضع جداً ويكاد يكون تأثيره غير فعال، وللأسف أننا، ولاسيما في دول الخليج دول، نملك الإمكانات المالية الضخمة، التي لو جدت الرؤية الواضحة لأسسنا محطات تلفزيونية ناطقة بلغات شعوب العالم الأخرى، فقط هناك مثلاً قناة الجزيرة الإنكليزية والموجهة إلى أميركا الشمالية، ولكن من يتابعها يصل إلى قناعة بأنها قناة تفتقر إلى السياسية الإعلامية المهنية، التي تستطيع من خلالها الدفاع عن حقوقنا العربية والإسلامية في تلك المناطق. والغريب أننا نشاهد المؤسسات الإعلامية العربية لها أذرع قوية وفعالة في مجال النقل التلفزيوني للمسابقات الرياضية الدولية، وحققت نجاحات في هذا المجال، ولكن مثل هذه القنوات لا أعتقد بأننا ما نحتاج إليه إلا إذا كانت القضية هي مشاريع إعلامية للكسب المالي. فلنقرأ ما تقوم به إيران في هذا المجال، إذ لديها مثلاً قناة «برس تي في»، وهي ناطقة باللغة الإنكليزية، وأعتقد بأنها فعالة جداً على رغم ما يعتري خطابها من كذب وتلفيق في تعاطيها مع قضايا عالمنا العربي، ولاسيما عملية عاصفة الحزم، ولكن الإعلام وحضوره على الساحة الدولية مهم جداً في مثل هذه الظروف، ولن أتحدث عن القنوات الإيرانية الموجة إلى العالم العربي، مثل قنوات «المنار» و«الميادين» وغيرهما، فحالنا الإعلامي في التصدي لهذه الهجمة الإعلامية الإيرانية ينعكس فقط في قنوات عربية تخاطبنا نحن، وهذا غير مطلوب، فلماذا لا تكون لدينا أكثر من قناة تلفزيونية عربية موجهة إلى إيران، وتكون ناطقة باللغة الفارسية؟ أعرف أن هناك بعض المحاولات، ولكنها باعتقادي متواضعة جداً أو تكون ترجمات لبعض المقالات إلى اللغة الفارسية، ولكن هذا عمل إعلامي متواضع وغير فعال في إيصال رسالتنا إلى الشعب الإيراني. وبحسب الموقع الجغرافي فدول مجلس التعاون الخليجي عليها مسؤولية في هذا المجال، فإيران تعلن كل يوم وبشكل متبجح بعدائها وأطماعها في دول الخليج، فماذا فعلنا نحن إعلامياً للتصدي لهذا الخطاب الإعلامي الإيراني، الذي يستغل كل الأدوات؛ لتحقيق مصالحه على حساب شعوب المنطقة؟ أتمنى من قيادة المملكة العربية السعودية، وهي الدولة الأهم في عالمنا العربي، أن تتبني مشروعاً إعلامياً تلفزيونياً، يكون موجهاً إلى إيران؛ لإيصال صوتنا وفضح سياسة إيران للشعب الإيراني، كفانا سلبية في هذا المجال؛ فالإعلام من أدوات السياسة الخارجية لكل الدول، وقد يكون أخطرها، ويتقدم على الجوانب العسكرية والسياسية، ولاسيما في الأزمات التي تمر بعالمنا العربي.