حين كانت إيران تخوض مراثون المفاوضات المتعلقة ببرنامجها النووي كانت، على الرغم مما تعاني منه من عقوبات، تعول على أن نفوذها في المنطقة هو ما يمنحها موقع القوة التي كانت من خلالها تحاول الوصول من خلال المفاوضات إلى تحقيق نصر فيها يضمن لها الاستمرار في برنامجها النووي، ويضمن لها الخروج من حالة الحصار التي أحكمت العقوبات دائرتها حولها. كانت إيران تعرف أن الدول الكبرى التي تفاوضها تبحث عن شريك قوي، ولم تكن إيران تريد أن تتخلص من حالة الحصار فحسب، أو تستكمل برنامجها النووي فقط، وإنما كانت تريد أن ينتهي الأمر بالمفاوضات إلى أن تصبح حليفا استراتيجيا للدول الكبرى، حليفا إن لم يساعدها على تنفيذ خططها التوسعية فإنه سوف يغض الطرف عن تنفيذها لتلك الخطط، وكانت تجربتها في العراق تؤكد لها صدق رهانها على ما تراهن عليه. كانت إيران حريصة على أن تبرهن لأمريكا ولأوروبا أنها شرطي المنطقة الذي يمكن التعويل عليه؛ لذلك وسعت من دائرة تدخلاتها وحضورها في العراق وسوريا ولبنان، ثم بدأت بعد ما كاد يكون نجاحا لها في هذه الدول العربية في محاولة بسط نفوذها على اليمن بالتواطؤ مع الحوثيين وعلي عبدالله صالح. الضربة التي تلقاها الحوثيون وتلقتها إيران في اليمن كانت هي الرسالة العربية والسعودية التي أكدت للعالم أجمع ولأمريكا وأوروبا على نحو خاص، والتي تؤكد أكذوبة إيران على اعتبار أنها الدولة الأقوى، وتبرهن على أن برنامجها الذي تسعى من خلاله إلى بسط نفوذها برنامج لا يمكن تحقيقه، وأن تقديم نفسها على أنها شرطي المنطقة مسألة زائفة. ضربة عاصفة الحزم لم تقلص نفوذ إيران فحسب، بل منحت الدول التي كانت تفاوض إيران مركز قوة، فاتخذت المحادثات مسارا جديدا إن لم ينته بفشل ذريع فسوف ينتهي بخيبة أمل إيران في فك الحصار والاحتفاظ لنفسها ببرنامجها النووي، تحول مسار المفاوضات بعد أن أدرك الغرب أن إيران ليست بالقوة التي تريد إيهامهم بها.