عندما يقول «نابليون» أحد أقوى الشخصيات العسكرية وأعظم العقول البشرية كما أطلق عليه الفيلسوف «غوته»، مقولته الشهيرة إن «الأم التي تهزّ المهد بيمينها تهز العالم بيسارها» يتضح أن وراء هذه القوة والجبروت الذي تميز به «أمّاً» كانت تدفعه من دون هوادة للمجد والطموح، وإدراكاً حقيقياً لدور الأم في حياة العظماء والقادة. وتتجلّى أروع مواقف الأمومة عندما يكون أحد فلذات أكبادها «طياراً حربياً» يلبي نداءات الوطن المستغيثة بشجاعة ومهارة لحماية الآلاف من المواطنين، إذ رأت أم النقيب طيار حربي خالد العنزي في ابنها بطلاً يذهب مع زملائه الطيارين لأداء واجبهم تجاه وطنهم، الذي أعطاهم الكثير من دون توقف. ويظهر على أم خالد أنها تعيش مشاعر مخلوطة بين الخوف والفخر، وتوقع الأسوأ، وحسن الظن بالله، إذ تقول: «أواسي قلبي في حال وقع مكروه لا سمح الله لابني أنه سيكون في عداد الشهداء الذين ذهبوا دفاعاً عن الحق والوطن». وتشير إلى أن «قلب الأم هو قلب الأم، سواء أكان ابنها ملكاً، أم عسكرياً في جيش صغير، فإن تفاصيل الخوف هي ذاتها والقلق المتضاعف مع كل لحظة غياب ابنها عنها هي ذاتها من دون تغيير». وتجهزّ أم خالد بذلة خالد العسكرية بدموع الخوف والرهبة من دون أن يشعر بها ابنها خشية على تسلل مشاعر الخوف إليه، قبل أن يحزم أمتعته مصحوباً بدعواتها وتوصياتها له وبرجاء الأمومة الذي يتردد في ذهن خالد في كلّ لحظة بعبارة «طمنّي عليك يا وليدي». من جهتها، أوضحت الاختصاصية النفسية الدكتورة نوف زارع لـ«الحياة» أن المرأة بطبيعتها عاطفية، وعندما تكون شرقية فإن هذه العاطفة تتضاعف أكثر، «وربما كان الجانب الروحاني في مثل هذه المواقف هو ما يطغى على التفكير، ففي حال فقد هذا الابن فإن الأم تحتسبه شهيداً عند الله، وهذا ما يخفف وقع الألم على النفس». وترى زارع أن الحروب تعتبر مقياساً حقيقياً لتعزيز الهوية الوطنية وثقافة حب الوطن في الأبناء، ومسارعة الشعب في التضحية بكل غالٍ، ونفيس في مقابل الأمان والاستقرار. وأمام كل هذه الطائرات الحربية، تقف أمهات وأُسر رافعين أكفهم بالدعاء لأبنائهم الطيارين بالنصر والعودة إلى أحضانهم منتصرين سالمين.