دائما ما يفاخر الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بأن حكم اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الأفاعي. يتبجّح صالح بأنه بارع في هذه اللعبة، ووحدها تؤمن القدرة اللازمة لمن هو في مكانه، هكذا كانت معادلة الرئيس (المنتخب) في جمهورية (ديمقراطية) لثلاثة وثلاثين عاماً. الرئيس الذي قال إنه لا لتصفير العداد، في إشارة إلى عدم ترشحه لولاية جديدة، دفع بمواليه في البرلمان إلى ترشيحه رئيساً مدى الحياة، وكان يفترض أن يستمر العداد ولا يتم تصفيره، وأن يبقى صالح ملكاً على اليمن مدى الحياة، قبل أن يخلع الشعب اليمني رئيساً بقي جاثماً على صدورهم. صالح ناور كثيراً، واستغل حكمه لتصفية خصومه، وكذلك الغدر بأصدقائه، لكن من يغدر بالشعب اليمني لا يستغرب منه فعلها مع العالم أجمع. الرئيس المخلوع لم يتحالف مع الشيطان فحسب، بل تحالف مع خصمه الذي خاض معه ست حروب، ثم ما لبث أن فاجأ الجميع: لتذهب بلادي إلى الجحيم، العودة للسلطة غايتي مهما انحطت الوسيلة. فها هو يتحالف ويحارب جنباً إلى جنب مع عدوه السابق، الحوثي. ينقلب على المبادرة الخليجية التي أنقذته، مع الحوثي، يقاتل الشرعية في بلاده، مع الحوثي، يشق صف اليمنيين كما لم يفعل أحد قبله، أيضاً مع الحوثي، والمضحك أنه لا يزال ينكر أصلاً وجود هذا التحالف. رقصات صالح التي برع وتفنن فيها طوال سنوات حكمه لم تتوقف عندما أُقصي من الحكم، لم تتوقف حتى وهو نصف رجل محترق، بل من يتخيل إيران التي كانت خصماً له في سنوات حكمه، أرخى لها الحبال وحالفها وسمح لها باختراق بلده، بل انظروا إلى دعوته الأخيرة لحوار يمني في الإمارات، هو يعلم أن ذلك لن يحدث، إلا أنه يريد أن يدق إسفينا في علاقة الرياض بأبوظبي، وكأن الإمارات على تواصل مع صالح تحت الطاولة، في محاولة سمجة تشبهه هو. يقول في تصريحات حديثة لصحيفة «الوطن» المصرية: «نحن نقف موقفاً محايداً، ونسعى إلى الحل السلمي»، بينما ميليشياته تقصف المدن اليمنية في الوقت ذاته. تحالفات صالح الخطيرة والمتواصلة، ولنقل رقصاته الثعبانية، كشف عنها تقرير للأمم المتحدة في فبراير (شباط) الماضي، فعندما تهدد حكمه بقيام ثورات «الربيع العربي» 2011، وأحس بدنو أجل فترة بقائه رئيساً، أبرم اتفاقاً مع تنظيم القاعدة يسمح بمقتضاه بسيطرة التنظيم على الجنوب اليمني، في سبيل إقناع الغرب بأهمية بقائه حاكماً لليمن، تواطؤ صالح مع «القاعدة» الإرهابية، ها هو يكرره بصيغة لا تختلف كثيراً مع ميليشيا الحوثيين الإرهابية. لا يهم صالح أن يحترق اليمن بأيدي «القاعدة» أو تسيطر عليه إيران، لا يهمه ماذا سيجني اليمنيون من رقصاته التي لا تنتهي، يهمه أمر واحد فقط؛ أن يصل للسلطة ويتمسك بها حتى لو كان الثمن دماء كل اليمنيين. بتحالفه مع الحوثيين، يكون صالح قد رقص رقصة جديدة وخطرة، فالتحالف مع الحوثيين ومع إيران يعني أن الرئيس المخلوع تعدى كل الخطوط الحمراء، لم يعرض أمن بلاده للخطر فحسب، بل أدخل المنطقة بأسرها في دوامة لا يعرف أحد كيف ستنتهي، فهل يظن أنه لا يزال قادراً وماهراً في استكمال حفلته الراقصة؟! من يدري ربما تكون رقصة صالح على رأس الثعبان الحوثي هي الرقصة الأخيرة لهما معا.