تكرم المغنية الجزائرية سعاد ماسي في مجموعتها الجديدة «المتكلمون» كبار الشعراء العرب مؤدية أغاني من كلماتهم للتعريف «بالوجه الخفي للعالم العربي» الموصوم غالباً بالتشدد والإرهاب. وتتألف هذه المجموعة من عشر أغان من قصائد لشعراء من عصور مختلفة، ابتداء من العصر الجاهلي في القرن السادس، وصولاً إلى القرن العشرين مع الشاعر أبو القاسم الشابي الذي حضرت أبياته في هتافات المتظاهرين في احتجاجات الربيع العربي، كما أوضحت ماسي. وقد ترجمت الكلمات إلى الفرنسية والإنكليزية مرفقة بخط عربي أنيق. وذاع صيت هذه المغنية البالغة من العمر 42 سنة في بلدها الذي نشأت ودرست فيه، قبل أن تنتقل إلى الشهرة العالمية، ومنها في فرنسا حيث نالت في عام 2001 تكريماً من أكاديمية شارل كرو عن مجموعتها الغنائية الأولى «الراوي». وفي عام 2006، نالت جائزة «فيكتوار دو لا موزيك» الفرنسية في فئة موسيقى العالم عن مجموعتها «مسك الليل». ويأتي الألبوم الجديد «المتكلمون» تتويجاً لمشروع «كورس قرطبة» الذي تشارك فيه منذ أربعة أعوام تكريماً للمدينة الأندلسية التي عاشت عصرها الذهبي بين القرنين التاسع والعاشر في مجالات الفن والفكر والعمارة، وأيضاً في مجال التسامح الديني والتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود. ومن خلال الغوص في العصر الأندلسي، تعرفت سعاد ماسي إلى الأعمال الشعرية الكلاسيكية وأحبت أن تغني قصائد لشعراء عرب كبار، مستعينة بمختصين بالأدب لمساعدتها على فهم نصوص شعرية ضاربة في القدم. وتقول «أنه ضرب من الجنون»، واصفة النوع الموسيقي الذي تؤديه بأنه يتراوح بين الموسيقى الفلكلورية وموسيقى العالم. وتضيف: «تعلمون أنني جزائرية - مغاربية، ونحن ينظر إلينا في العالم العربي على أننا أوروبيون أكثر مما نحن عرب، لكنني أردت أن أفعل ما أحب، أنا من منطقة القبائل (الأمازيغية)، لكنني أحب اللغة العربية وأحب أن أبيّن جمالها وانفتاحها». وتبدي سعاد ماسي استياءها من الأحكام النمطية السائدة بحق العرب قائلة: «يحزنني أن يربط البعض العالم العربي بالإرهاب، لقد عشت الحرب الأهلية في الجزائر وعانيت من الإرهاب ككثر من الناس. من الظلم أن ينسب الإرهاب إلينا، إنه ظلم بحق الصحافيين القابعين في السجون. أريد أن أتكلم عن الوجه المخفي من العالم العربي». ومن الشعراء الذين تتناولهم ماسي في عملها الجديد، الشاعر الجاهلي امرؤ القيــــس، مغنية أبياتاً له في أغنية «فيا ليلى» على إيقــاع البوسا وأنغام البيانو والغــــيتار الأندلسي، إلى جانب القصيدة الحكــــمية «سئمت تكاليف الحياة» لزهير بن أبي سلمى وغيره من شعراء الجاهلية الذين يحكى أنهم كانوا يكرمون بكتابة قصائدهم بماء الذهب وتعليقها على أستار الكعبة. ومن الشعراء الحديثين، تغني ماسي لأبو القاسم الشابي (1909 - 1934) قصيدة «ألا أيها الظالم المستبد» التي ردد المتظاهرون في تونس والعالم العربي أبياتها في احتجاجات الربيع العربي في تونس ومصر وغيرهما.