هل يُمكن لرئيس دولة فقد شرعيته عند شعبه والمجتمع الدولي بأكمله أن يعود هكذا بكل بساطة؟ هذا ما توجزه تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بل إن حديثه يمر هكذا بكل هدوء وكأن بشار الأسد لم يكن رئيسًا لكارثة جيل بأكمله، وكأن عدد القتلى لم يتجاوز 210 آلاف قتيل هذا بحسب الأرقام المعلنة والتي أشك في دقتها، فهل يفهم هذا جون كيري الذي يتشبث ودولته بحقوق الإنسان أم أنه لا يرى هذه المجازر أو لا يريد أن يراها؟! ألم يسمع جون كيري وحكومته بعدد اللاجئين السوريين وأن أكثر من 50% من الشعب السوري قد هجرّوا من منازلهم، وأكثر من ثلث المستشفيات دمرت، وأن أكثر من 4000 مدرسة تمت تسويتها بالأرض، هذا عدا أنواع الدمار الأخرى من تدمير وسرقة وتهريب آثار ومقتنيات هي بمثابة ثروة تعني تاريخ حضاري يُمثل سوريا. هل بعد الكيماوي تفاوض؟ بل وأكثر من هذا وبمباركة هذه التصريحات التي تشد من أزر الأسد في التفنن بقتل الشعب السوري، قام مؤخرًا -وليس آخرًا- برمي قنابل الكلور عبر طائراته على أجساد الأطفال، بشار الأسد خصومه هم الأطفال مذ بداية الثورة السورية وإلى اليوم، لديه حقد شديد على الأطفال ويستمتع بأشكالهم وصورهم التي تدمي القلب! الغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر دولة في العالم تدير اسطوانة حقوق الإنسان، ويبدو لي ومن خلال الأزمات المتلاحقة أن العرب لا يصنفون لديهم من الفئة التي تستحق أن تولي حقوقها الإنسانية وقفة جادة وحازمة توقف هذه الجرائم، بل إن جون كيري بتصريحاته التي تشبه جس النبض يريد أن يعيد السفاح بشار الأسد على أنه رئيس، رغم محاولات المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تدارك هذه التصريحات تتضمن ألفاظًا وأقوالاً تؤيد سفاحًا لا بد أن يُزاح بأقصى سرعة. ولنكن واقعيين فإن هذه التصريحات لم تأتِ من فراغ، فالتفاوض مع ممثلين لبشار الأسد في الاجتماعات الدولية يعني الاعتراف ضمنيًا بوجوده، وإن قيل للإعلام غير ذلك! لو رأينا المشهد بكل بساطة، فهل تعجز الولايات المتحدة الأمريكية عن إنهاء جرائم بشار الأسد؟ بكل تأكيد لا تعجز وهي قوى عظمى المنطقة كلها بيدها، لكنها ومنذ بداية الأزمة لا تريد، لأنها لن تجد حارسًا لإسرائيل بمثل مهارة بشار الأسد التي ورثها عن والده. المنطقة العربية تهتز، والوضع السوري يلفه العبث من كل اتجاه فما الجماعات الإسلامية الإرهابية إلا مشاهد تمثيلية أمريكية تتكرر في المنطقة، وانتهت أسطورة بن لادن التي خلقها الأميركان ودخلنا في أسطورة داعش وضرورة الحرب على الإرهاب، الذي خلقته أمريكا ووجدت عقولاً خصبة لتنمو فيها أعشاب الإرهاب وتقطفها أينما أرادت وتوجهها أينما شاءت. إن كان هناك نيّة لاقتلاع كل هذه الجرائم، فلا بد أن تكون البداية من بشار الأسد وإحالته للمحاكمة العاجلة، وبعد أن ترفع أمريكا يدها من المنطقة ستعود سوريا حيث أراد السوريين. نقلا عن الجزيرة