لاحظ خبراء سويسريون زيادة ملموسة في عدد الأثرياء المستوطنين في القارة الآسيوية، أفضت إلى تراجع مرتبة الدول الأوروبية في مستوى الغنى سنة بعد أخرى لمصلحة الأثرياء الآسيويين. وهكذا تبدأ المصارف السويسرية الكبرى مثل «كريديه سويس» ترسيخ توسعها في القارة الآسيوية، بما أن الأعمال المشتقة من تجارة السرية المصرفية تشهد لحظة حساسة. ويصـطدم التوسع المصرفي السويسري في عــدد مــــن الدول الآسيوية مثل سنغافورة وماليزيا، بتحركات شرســـة لمصارف محلية آسيوية ترمي إلـــى ردع التوسع الغربي في الأنسجــة المصرفية القومية. وبالطبع، يكمن هدف فروع المصارف السويسرية في آسياً أيضاً، في إدارة أموال الطبقات الوسطى خصوصاً في الصين والهند وماليزيا، التي تتنامى باطراد والقادرة على شــراء كـــل المنتجات الاستهلاكية براحـــة تامـــة، على عكس الطبقات الوسطى الأوروبية التي تشهد تآكلاً في أنسجتها، ربما يجعلها تختفي كلياً حتى عام 2030. ولا شك في أن المصارف السويسرية تراهن بشدة على خطواتها التجارية في القارة الآسيوية، وصحيح أن القارة الأفريقية سوية مع دول أميركا اللاتينية تستقطب أيضاً اهتمام المصرفيين السويسريين، إلاّ أن المنطقة الوحيدة التي تشهد حالياً نمواً في عدد الأثرياء محصورة في آسيا. كما أن الأموال المصرفية السويسرية المخصصة لأي عملية توسع في الخارج ليست ضخمة، فضلاً عن ضرورة التزام المصارف اتفاقات «بازل 3» التي تطلب رفع رؤوس الأموال إلى سقف محدد كي لا تتعرض الى سلة من العقبات والعراقيل في خلال تحركاتها الداخلية والخارجية. ينظر المصرفيون السويسريون اولاً إلى قوة رسملة الأسواق المالية الآسيوية التي ستنمو حتى عام 2030 مثلاً بمعدل 10 في المئة. كما ستمثل الأسواق المالية الآسيوية 30 في المئة من التداولات التجارية حول العالم بحلول ذلك العام أيضاً، بعدما كانت تستأثر عام 1996 بحصة لم تتخط 6 في المئة. ومع ذلك، لا تخطط كل المصارف السويسرية الكبرى لضخ أموال ضخمة تخدم مصالحها التجارية التوسعية في آسيا، لأن جزءاً منها يتريث قليلاً ويفضل دخول آسيا من طريق نشاطات خاصة بالتأمين وتحديداً في الهند والصين وتايوان. وفي نظرة إلى ما يحصل مثلاً في مصرف «يو بي اس» فإن خبراءه يصنفون بعض الأسواق المصرفية الآسيوية مثل تلك المتواجدة في سنغافورة أو هونغ كونغ بـ «أوفر بنكد»، أي أن أسواق خدمات الـ «برايفت بنكينغ» هناك شبه مشبعة حالياً، ما يعني أن أي عملية سويسرية للتوسع في هذه الأسواق ستكون مكلفة مع هوامش أرباح غير مرضية. لذا، وعلى عكس مخططات مصرف «كريدي سويس» يهدف «يو بي اس» إلى شراء مصارف آسيوية صغيرة أو التعاون معها.