باريس: ميشال أبو نجم فيما يصل اليوم إلى لوزان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني ويرجح وصول وزيري خارجية روسيا والصين للانضمام إلى نظرائهم وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وإيران، قالت مصادر دبلوماسية أوروبية تواكب مفاوضات لوزان: إن «هناك رغبة واضحة من قبل إيران ومن قبل مجموعة الست بالتوصل إلى اتفاق قبل انتهاء الموعد المقرر» في 31 مارس (آذار) الحالي. وأعلن كبير المفاوضين الروس في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني سيرغي ريابكوف أمس أن فرص التوصل إلى اتفاق مع طهران «تجاوزت 50 في المائة». وقال ريابكوف لوكالة ريا نوفوستي الروسية: «أعتقد أن فرص (التوصل إلى اتفاق) تجاوزت 50 في المائة. إذا فشلت المفاوضات، فلن يكون ذلك ذريعة لتغيير كل نظام التفاوض. لقد راكمنا عملا كثيرا إلى درجة بات الفشل غير مسموح به»، مذكرا بأن 30 يونيو (حزيران) هو مهلة التوصل إلى اتفاق نهائي. بيد أن هذه الموجة من التفاؤل تفترض، وفق المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن «تخطو إيران خطوات إضافية» باتجاه مواقف الـ6 لأن الكرة في ملعبها، وأنه «لا اتفاق من غير تنازلات إضافية». لكنها حتى مساء أمس «لم تكن قد أقدمت على ذلك» خلال سلسلة المفاوضات التي جرت إن على المستوى الوزاري بين كيري وظريف وفابيوس وشتاينماير أو على مستوى الوفود المفاوضة «الـ6 مع إيران». لكن وزير الخارجية الإيراني أعرب أمس عن تفاؤله، وقال إثر لقائه نظيريه الألماني والفرنسي على حدة في لوزان أمس: «أعتقد أننا أحرزنا تقدما. إننا نتقدم وأعتقد أنه بإمكاننا إحراز التقدم اللازم للتمكن من حل كل القضايا وبدء صوغ نص سيصبح الاتفاق النهائي»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ولفت ظريف إلى أنه أجرى مشاورات «إيجابية» مع فرانك فالتر شتاينماير ولوران فابيوس. تؤكد المصادر الأوروبية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن هناك عقبتين أساسيتين تعيقان التقدم: الأولى هي موضوع الأبحاث والتطوير الإيرانية النووية الذي يشمل تطوير الطاردات المركزية ومستويات التخصيب. ويقوم التخوف الغربي على أن استمرار إيران في العمل في ميداني البحث والتطوير سيعني أنها ستحقق تقدما في برامجها النووية مما يلغي عمليا الكثير مما تم التوافق عليه خصوصا أن الغرض من الاتفاق النهائي لم يعد فقط تجميد البرنامج النووي بل تراجعه خطوات إلى الوراء. أما العقبة الثانية، فتتمثل في رغبة إيران برفع العقوبات المفروضة عليها دفعة واحدة خصوصا من جانب مجلس الأمن الدولي وهو شرط تقول إيران على كل المستويات إنه «غير قابل للتفاوض». لكن الغربيين يردون على ذلك باقتراح رفع متدرج للعقوبات شرط أن تسوي طهران خلافاتها مع الوكالة الدولية للطاقة النووية التي يعود إليها أن ترفع تقريرا لمجلس الأمن تؤكد فيه أن النووي الإيراني لم يعد فيه ما يهدد بانتهاك معاهدة منع انتشار السلاح النووي. ولا تستبعد المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن تكون إيران بصدد ممارسة سياسة حافة الهاوية. ونقل عن رئيس وفد مفاوض أن الجانب الإيراني «يريد دفع الغربيين للتنازل والليونة» عن طريق الإيحاء بأنه «يمكنه المخاطرة بعدم التوصل إلى اتفاق» مستندا إلى رغبة الجانب الأميركي بالتوصل أخيرا إلى تفاهم. وفي أي حال، قالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا اتفاق قبل يوم الاثنين(غدا) أو الثلاثاء وأن ما هو منتظر «ليس اتفاقا تفصيليا بل هو شيء يشبه مذكرة تفاهم تنص على فقرة أو فقرتين بخصوص كل نقطة أساسية من النقاط التي تم التفاوض بشأنها». وأهم هذه النقاط مدة الاتفاق وحجم البرنامج النووي الذي سيتاح لإيران الاحتفاظ به «عدد الطاردات ونوعها وكميات اليورانيوم المخصب ومصير الإنشاءات النووية ومدة ما يسمى بالإنجليزية (Breakout Time) أي الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج ما يكفي من وقود نووي لتصنيع القنبلة في حال قررت عدم احترام التزاماتها. وأخيرا موضوع رفع العقوبات الأممية والأوروبية والأميركية. وأمس، طرحت مجددا مسألة مدة الاتفاق وقالت مصادر متابعة للمفاوضات في جنيف لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرنسيين والبريطانيين يريدون الاتفاق لـ15 عاما تعقبه فترة من 10 أعوام يكون فيها البرنامج الإيراني (تحت الرقابة)». وبالمقابل، فإن الأميركيين والألمان يقبلون باتفاق لمدة أقصر بحيث تكون من 10 أعوام. وأمس، كانت الأنظار موجهة لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي وصل صباحا إلى لوزان قادما من نيويورك. وأجرى فابيوس لقاءات مع كيري وظريف وشتاينماير. لكنه استبق كل ذلك بتصريحات شدد فيها على أن بلاده «تريد اتفاقا صلبا». وأضاف الوزير الفرنسي أن اتفاقا فقط من هذا النوع «يمكن أن تقبله فرنسا» مشددا في الوقت عينه على «الشفافية وآليات الرقابة للتأكد من أن إيران ستحترم التزاماتها». وكان واضحا أمس من خلال حرص الوزير كيري على لقاء فابيوس على انفراد قبل الاجتماع الثلاثي بحضور شتاينماير أن واشنطن «تريد طمأنة باريس والحيلولة دون تكرار تجربة خريف عام 2013 عندما أجهض الوزير الفرنسي اتفاق مرحليا كان توصل إليه كيري وظريف بحجة أن الضمانات التي يحملها غير كافية». لكن الصورة هذه المرة مختلفة إذ إن البحث يدور حول اتفاق حول إطار سياسي مع نهاية الشهر الحالي على أن يتم التفاهم حول الجوانب الفنية في بروتوكول يتعين إنجازه نهاية شهر يونيو (حزيران) القادم. والسؤال المطروح على باريس هو: هل يمكنها الوقوف مجددا بوجه واشنطن الراغبة في التوصل إلى اتفاق ودفع ثمن ذلك أم أن تشددها اليوم «تكتيكي» لإظهار أنها حسنت شروط الاتفاق وهي نقطة يمكن البناء عليها لاحقا في العلاقات مع الدول الخليجية وأصدقاء آخرين؟ تقول المصادر الأوروبية إن الأمور «مفتوحة» بما فيها خروج الدخان الأبيض لأنه «لم يعد هناك مجال للتهرب ويتعين على الأطراف المفاوضة أن تتخذ القرارات التي تأجل اتخاذها حتى الآن».