×
محافظة حائل

الحملات الأمنية توقع بـ 2871 مخالفا بحائل والباحة

صورة الخبر

طيلة ما يزيد عن 12 سنة انتقلت خيمة مفاوضات الملف النووي الإيراني مع الدول الغربية من مدينة لأخرى، وفيما حظيت مدينة جنيف السويسرية وفيينا النمساوية بنصيب الأسد كان للعاصمة العُمانية مسقط، والعراقية بغداد، نصيب في استضافة هذه المفاوضات. المفاوضون، بالتأكيد، يفضلون سويسرا المحايدة، ومدينة جنيف على وجه الخصوص، إلا أن ظروف جنيف المزدحمة بالاجتماعات لكثرة ما بها من منظمات دولية ومعارض عالمية لا تمكنها من استقبالهم باستمرار، وهذا ما نقل المفاوضات في جولتيها السابقة إلى مدينة مونترو والحالية إلى مدينة لوزان التي صارت تحمل تسمية «لوزان 1» و«لوزان 2». ولا تقل لوزان عن «جنيف» جمالا وهدوءا ونظاما وخصوصية، حيث تحيط بهما جبال الألب، وتربطهما بحيرة ليمان الشهيرة التي تطل عليها الفنادق والقصور الفخمة، حيث تعقد الجلسات وتقيم الوفود التي تحتاج أجواء تخفف عنهم بعض عناء مهام التفاوض الشاقة التي لا تزال عسيرة ودقيقة وحساسة وصعبة، بسبب حساسية «الملف النووي الإيراني» رغم التقارب «الاجتماعي» الذي حققوه في جولاتهم الأخيرة لا سيما بين الوفدين الإيراني والأميركي، حتى إن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير شبهها بتسلق قمم جبال الألب، واصفا كيف أن الوصول للقمة هو الأصعب. وكموقع فخم ومناسب اختارت السلطات السويسرية لمحادثات لوزان الأولى والثانية «فندق قصر بو ريفاج» الذي يزيد عمره عن 150، وتم تشييده وفق نمط معماري يرجع للقرن الثامن عشر. وكما تقول إعلانات للفندق الذي شيد أساسا كفندق وليس قصرا تم تحويله لفندق فإنه يحوي 55 جناحا، بعضها مصفح الزجاج ومضاد للصوت، كما له أرقام مباشرة منعا لأي تلصص أو تجسس. وقد ظهر جليا كيف يستمتع المتفاوضون بأجواء البحيرة وسكونها، حيث تابعت «الشرق الأوسط» جون كيري وهو يتمشى على ضفاف البحيرة مع عدد من أعضاء وفده وحراسه الشخصيين، كما شاهدناه وهو يقود دراجته الهوائية، ثم وهو يتعشى في مطعم «الحصان الأبيض» في مواجهة البحيرة مجاورا للفندق، حيث يقيم عدد ضخم من الصحافيين. وصباح أمس، فاجأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي جموع الصحافيين وهو يركض على ضفاف البحيرة مرتديا طقما من الملابس الرياضية ناصع البياض، مستمتعا بهواء طلق بدلا عن أجهزة التدفئة التي لا تزال تعمل بسبب طقس لوزان الشتوي البارد والممطر، رغم أنها رسميا غيرت أمس مواقيتها الشتوية إلى الصيفية. من جانب آخر، وكما جرت العادة منذ ما عرف بالانفتاح الإيراني مع تولي الرئيس حسن روحاني السلطة في إيران، وتكليف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رئاسة وفد بلاده المفاوض، أصبحت الوفود تقيم في نزل مشترك، فلم تخرق لوزان هذا السلوك، وعملت على أن يكون قصر بوريفاج موقع انعقاد المباحثات وسكن الوفود. وبالطبع شددت السلطات الأمنية قبضتها حول الفندق الذي لا يسمح بدخوله إلا للمقيمين، بعد التأكد من ذلك كما يسمح للكاميرات والمصورين المعتمدين التابعين لجهات إعلامية بعد طلبهم قبل بدء الجلسات، وأحيانا بعدها، ولفترات وجيزة، يسجلون فيها لقطات هي كل ما يخرج عن تلك المفاوضات بالغة السرية، أما بالنسبة لبقية الصحافيين ممن تم اعتمادهم ويحملون بطاقات «باجات» تتيح لهم حضور المؤتمرات الصحافية والتنويرات، فقد خصص لهم مركز واسع بالطابق الثاني من المتحف الأولمبي، وأن ظل شاغرا بالمقارنة، وذلك نسبة لما وفرته فنادق لوزان المنتشرة حول البحيرة قرب فندق قصر بوريفاج من فرص سكن مريح وقريب من موقع الحدث، وكذلك لندرة ما عُقد بالمركز من مؤتمرات صحافية، ولنجاح وزارة الخارجية السويسرية في توزيع عناوين البريد الإلكتروني للصحافيين المعتمدين على كل المسؤولين الإعلاميين بالوفود المشاركة في المفاوضات، أي الوفد الصيني والروسي والألماني والفرنسي والبريطاني والأميركي، بجانب الرئاسي التابع للاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، يبدي الوفد الأميركي عادة اهتماما كبيرا بأن تصل المعلومات التي يرغب في نشرها إلكترونيا للصحافيين المعتمدين، فيما تقتصر التصريحات الإيرانية على وسائل الإعلام الإيرانية فقط، ما عدا المؤتمر الصحافي الختامي لرئيس الوفد الإيراني الذي يحضره الجميع. بدورها، كانت كاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي تهتم كثيرا بأن ينقل عنها الناطق الرسمي بعض الإشارات عن سير المباحثات. وهذا ما لم نلحظه في هذا العهد الجديد، برئاسة فيدريكا موغريني. ويعد المتحف الأولمبي بلوزان، وهو مبنى حديث تم بناؤه في عام 1993، أكبر أرشيف عالمي للألعاب الأولمبية، وتزدان حدائقه بعدد ضخم من المجسمات الحديدية المصقولة والتماثيل دقيقة التفاصيل الجسدية لرياضيين من الجنسين في أوضاع ترمز لألعاب وأنشطة رياضية مختلفة. ولكونها تماثيل ضخمة وعارية، رجح عدد من الصحافيين أن محمد جواد ظريف لن يعقد مؤتمرا صحافي بالمركز الصحافي، كما جرت العادة في ختام جولات التفاوض الوزارية، مستبعدين أن تقوم السلطات السويسرية بستر تلك التماثيل كما فعلت في عام 2013 عندما أقدمت على إخفاء وتغطية اللوحة الضخمة لمايكل أنجلو المعلقة بمدخل قصر الأمم، مقر الأمم المتحدة بجنيف، الذي شهد أكثر المفاوضات أهمية حيث تم عقد الاتفاق التاريخي الذي بموجبه وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.