"لقد أضاءت قوات التحالف بغداد كما تُضاء شجرة عيد الميلاد"كانت هذه الجملة بداية عصر إعلامي جديد من حيث التغطية، فقد أذنت العبارة التي قالها مراسل شبكة «سي إن إن» في بغداد بيتر آرنيت، ببدء حقبة جديدة من التغطيات الإعلامية تزامنة مع حرب الخليج الثانية في شتاء 1991، وأعلنت صراحةً انطلاق عصرٍ جديد تسيدت فيه القنوات والبث الحي المشهد الإعلامي الدولي لأكثر من عقد، كانت حرب تحرير الكويت، الأولى في التاريخ البشري التي تُنقل على الهواء مباشرةً بفضل «سي إن إن»، التي أحدثت بذلك ثورةً غير مسبوقةٍ في عالم الإعلام، حيث أضحى بوسع المرء أن يشاهد الصواريخ وهي تنهمر على المدن. منذ ذلك الحين والمؤسسات الإعلامية تتسابق للمضي قدما في التزاوج بين التكنولوجيا والتطور في مختلف الميادين، وأضحت الأزمات والحروب ميدانا خصبا لعرض آخر ما توصل إليه هذا التزاوج ، وما "عاصفة الحزم" إلا مثال آخر على هذا السباق فمنذ اللحظات الأولى للضربات والمواقع الإعلامية وحسابات التواصل تتناقل رسوما بيانية عن التحركات و أعداد القوات المشاركة حتى أن البعض استخدم هذه الرسومات في سرد نقاط الخلاف تاريخيا. هذا الفن الجديد القديم يطلق عليه "الإنفوجرافيكس"، "الإنفوجرافكيس" القادم الجديد للإعلام يرى فيه البعض مستقبلا مشرقا في دمج الرسومات والمعلومات في تصاميم جذابة للقارئ خصوصا في وقت تؤكد فيه الدراسات الخاصة بالاستيعاب أن 40% من الأشخاص يتفاعلون بطريقة أفضل مع المواد التي تحتوي على مؤثرات بصرية أكثر من المواد التي تحتوي على نصوص كتابية فقط، كما أن 90 % من المعلومات التي يحفظها الدماغ معتمدة بصورة كبيرة على الجانب البصري. عند البحث عن تعريف دقيق وعلمي لهذا الفن الجديد لسهولة فهمه يصدم الباحث بتعدد التعاريف، وذلك لتداخل أكثر من فرع فيه، فالبعض يراه "إعادة ترتيب المعلومات بشكل أسهل معتمدا على عدة أساليب مثل الشكل، الألوان، والرسومات" بينما يراه البعض عبارة عن "رسم بياني لمساعدة فهم أو استيعاب قصة بطريقة أفضل"، وعن مدى أهمية المجال الجديد يرى جون جريمود رئيس قسم الجرافيكس في "كوندي ناست" الشركة المتخصصة في نشر ما يزيد على 18 مجلة متخصصة بالإضافة إلى 27 موقع إلكتروني أنه: "من الجيد تلخيص 20 عاما من المعلومات المذهلة والكثيرة في رسمة"، من جانبها كريس فبيسلمان المتخصصة في الرسومات تعلق قائلة: "نحن حاليا نعيش في عصر الانتقال من الرسومات الاعتيادية إلى عصر المعلومات المصورة". وعن بداية ظهور الإنفوجرافيكس تؤكد ليندا فوريست من "فرانسيس موران" ان لا شيء جديد في هذا المجال لكن السنوات الحالية شهدت اهتماما كبيرا على الانفوجرافيكس من المستخدمين والصحفيين، الأمر الذي تذهب إليه المتخصصة مروة عماد والتي تؤكد عبر أحد المقاطع التي تشرح فيها عن المولود الجديد أن البعض يربطون بين الرسوم البدائية والفن المنتشر حديثا، حيث تؤكد الدراسات التاريخية إلى أن أول ظهور للرسم البياني كان عام 1786 م، بينما ظهر الرسم الدائري عام 1801م، الأمر الذي تطور لظهور الشخصيات في الرسوم البيانية عام 1936م، وتؤكد مروة أن أول حساب للإنفوجرافكس على توتير أنشئ عام 2011. وعن الظهور الفعلي لهذا النوع من الفن تؤكد مروة بأن عام 2005 – 2006 شهد الإعلان الأول للإنفوجرافيكس بالشكل الذي نعرفه حاليا حيث لم يتعدَ عدد الرسومات في ذلك العام الخمسة فقط، بينما قفز في العام الذي يليه إلى 750 رسمة، وتواصل الارتفاع في اعداد الرسومات نظرا للإقبال الكبير من القراء بالإضافة إلى تفاعل الصحف ومختلف وسائل الإعلام مع هذا النوع من البيانات الأمر الذي أوصل العدد إلى 350 ألف رسمة في 2010، هذا الانفجار المعلوماتي والرسوماتي بلغ ذروته في عام 2011 حيث ظهر ما يزيد عن ملوني رسمة في مختلف وسائل الإعلام. هذا الزخم الكبير الذي يحظى به الإنفوجرافيكس جعله مطلبا مهما وملحا للصحف والعاملين في الإعلام خصوصا في فترات الأزمات فالقارئ يريد المعلومات بطريقة مختصرة وسهلة الفهم ليدرك ما يدور حوله كما أن المؤسسات الإعلامية أصبحت تخاطب جيلا جديدا تجذبه الصورة والألوان بطريقة أكبر، كل تلك المميزات جعلت من "الإنفوجرافيكس" نجما للصحف وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.