شهدت المنطقة العربية مؤخراً تطوراً كبيراً وتغيراً في مجريات الأحداث وما تبعه من تغيير في كافة مفاصلها، وتمثيل الإعلام المحلي الخاص امبراطورية ضخمة آن لها أن تنهض بأدوارها كاملة كما يليق ببلادنا ومكانتها الإقليمية والدولية إلا أن المتتبع للساحة الإعلامية الغربية يلحظ ممارسة مزدوجة مقيتة تدخل فيها عدة أسباب ومؤثرات، وكيف أصبحت الآلة الإعلامية الغربية تؤيد وتساند قرار "عاصفة الحزم" وتتناول في موادها التقدير الكبير لنجاح المملكة في جمع المختلفين على طاولة واحدة وتأييد التحالف. وفي تناول شفيف للازدواجية التي يمارسها الإعلام الغربي عبر قراءاته الخاطئة التي لا تستند على قيم ومبادئ وأعراف إعلامية إلا حين يخصها الأمر يقول الدكتور محمد سعود البشر أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، أن الإعلام الغربي إعلام مصالح وليس إعلام مبادئ إلا في قضاياها المحلية، وتلك مشكلة السياسة والإعلام في الغرب، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، فهم يعتمدون على استراتيجيات تضعها مراكز بحثية ومؤسسات فكر إستراتيجية، وهذه المؤسسات لم تعد تقرأ الواقع العربي جيداً كما كانت عليه في السابق. د. البشر: الإعلام الغربي إعلام مصالح لا مبادئ وقراءاته خاطئة وبلا معايير وقيم منهجية وأرجع د. البشر السبب في القراءات الخاطئة لأن تلك المؤسسات امتلأت بما يعرف بالمحافظين اليمينين في مفاصل السياسة الغربية خاصة في الولايات الأمريكية المتحدة، واعتمدت هذه السياسة على رؤية مفادها "لهم المقدسات ولنا الثروات"، أي لا يهمها مقدسات المسلمين بل يهمها الثروات التي تحتضنها المنطقة، ولهذا تحالفت مع دول إقليمية تطمع في مقدسات وتترك الغرب ينهب الثروات، واقصد بذلك إيران التي تطمع في مقدسات المسلمين وتركت الغرب ينهب الثروات، كما رأينا في العراق ونراه في سوريا، ورأيناه واقعاً جلياً في التحالف الخفي بين أمريكا والغرب بشكل عام مع إيران، ولا أقول تقاعسه عن القضايا المصيرية في المنطقة بل تواطؤه مع إيران في تقاسم النفوذ. د. الطياش: إعلامنا على قدر المسؤولية ورسالة للآخر.. استقرارنا استقرار للعالم وأشار أستاذ الإعلام السياسي إلى أن إعلام المصلحة الذي ينتهجه الغرب في رؤيته ليس خطأ في النظرية السياسية، بل حق من حقوقهم بالمنطق السياسي البحت، لكن الخطأ أن تكون على حساب أمن غيرهم ومصالحه واستقراره، وهذا ما وقعت فيها السياسة الغربية وتبنتها الآلة الإعلامية تبعاً لذلك، ولهذا عندما أفاقت هذه الآلة الإعلامية على واقع جديد يرفض السكوت على تواطؤ إيران مع الغرب للهيمنة على المنطقة، كان لابد لها أن تراجع حساباتها ومنها أن تتفق مع تحرك المملكة تجاه ما يحدث في اليمن، من تسلط للحوثيين وتهديدهم للمملكة وللمنطقة العربية بشكل عام، وهذا يتفق مع نظرة المصالح الغربية، لذلك لا نتعجب أن نسمع التأييد الصريح للعمليات العسكرية التي تقودها المملكة، لأن الواقع تغير ولأن منطق المصلحة يفرض عليهم التعامل مع واقع فرضته المملكة عليهم. ونوه د. محمد البشر إلى أنه وتبعاً لهذا التغير الجديد في المنطقة الذي تقوده المملكة، ينبغي أن يكون إعلامنا المحلي والخاص المملوك بالمال السعودي، وهو يمثل إمبراطورية كبيرة في تأثيرها على الرأي العام العربي، وبالتالي على الرأي العام الدولي، ينبغي أن يكون ذراعاً قوية لهذه التحركات السياسية، ونحن نعلم أن الإعلام لا يقل أهمية عن العمليات العسكرية، بل هو ذراعها القوي وهذا ما سجله التاريخ من حرب تاريخ الكويت، منذ ذلك التاريخ والإعلام يسجل مكانة قوية ومؤثرة موازية للعمليات العسكرية، بل أن كثيراً من الكتائب لا تسير ولا تعمل إلا بصحبة كتائب إعلامية. د. حامد: الإعلام العالمي يحترم القوي المسيطر الحازم الذي يعرف ما يريد وأكد أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، أن على إعلامنا اليوم أن ينهض وأن يرتقي لمستوى الأهداف السامية التي وضعتها المملكة، للحفاظ على مقدسات المسلمين أولاً، وللحفاظ على المصالح الوطنية وأمن المملكة واستقراها، مما يترتب عليه أمن المنطقة العربية كلها، فإعلامنا بما يملك من مؤسسات قوية داخل المملكة وخارجها، وبما يحتضنه من كفاءات مهنية عالية التدريب وذات خبرة واسعة وعريضة، يجب أن توظف جميعاً وتستثمر لخدمة هذه المصالح العليا، التي لا يجوز فيها أن يتقاعس عنها كل من له خبرة في هذا المجال، فهذا واجب ديني وطني يجب أن يضطلع به الجميع، واليوم هو يوم المؤسسات الإعلامية ويوم الوطن، وينبغي علينا جميعاً إعلاميين ومؤسسات إعلامية أن نكون يداً واحدة قوية مع القيادة السياسية. رسالة المملكة الموجهة للعالم يجب أن تصنع محلياً ويرى د. فهد الطياش أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود أن التحالف الحالي الذي تقوده المملكة لإعادة الشرعية في اليمن، ونحن أمام توجهات لفرض نوع من الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بعد نحو أربع سنوات من الفوضى على الربيع، الذي لم يخلف سوى فوضى غير خلاقة، لذلك بدأ الغرب يدفع الثمن غالياً في عقر داره، مع عودة عدم الاطمئنان في كثير من هذه الدول، تحديداً أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وانسحبت على دول كانت هامشية في أوروبا لم تكن طرفاً في مناطق النزاع كهولندا والدنمارك، حتى الدول الاسكندنافية بدأت تستقطب لهذا التجاذبات، وبالتالي بدأت تخسر. وأشار د. الطياش إلى أن الإعلام الغربي سينظر إلى العملية من زاوية المصالح إن ضغطت الشركات، ولكن المهم كيف ننظر نحن من قاد هذا التحالف نحو خلق هذا الواقع، ويجب أن نقوده على جبهة الحرب والسلم والاقتصاد والإعلام قبل كل شيء، لأن رسالتنا واضحة وهي "أمان واستقرار للعالم" وبالتالي على منظومة صناعة الإعلام، فيجب توصيل هذه الرسالة للعالم بشكل واضح وصريح، بأن المملكة تقود التحالف نحو الاستقرار والازدهار للمنطقة ولشعوبها وشعوب العالم ومن أجل مرحلة مهمة، وهي أن "عاصفة الحزم" حزم أمام استفحال انتشار الإرهاب وانفلات هذا الوحش، الذي لم يعد من الممكن أن يسيطر عليه أحد، وصنعته الدول وارتد في نحورها وعلى شعوبها، وبالتالي نحن في مرحلة لإعادة التوازن للخارطة العالمية، وإن لم يكن كذلك فهو توجه نحو هاوية. وأضاف أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود أن على الإعلام المحلي مواكبة مشروع التحالف بشكل جيد، فنحن أمام منظومة كبيرة يجب أن نستثمرها في صانع الرسالة الإعلامية المحلية، التي لم تعد حكراً على البرامج التلفزيونية الكبيرة وغيرها، بل حتى على المعلومة الصغيرة التي يمكن أن تخرج في الإعلام الاجتماعي، وتكبر ككرة الجليد وتصبح نقطة حدث ساخنة في الإعلام ككل. ونوه د. فهد الطياش بأنه من المفترض أن نبدأ بصناعة هذه رسالة المملكة الموجهة للعالم محلياً، لأننا نحتاج أن يعرف العالم من حولنا أن ما يربو على 90 جنسية تعيش بسلام ووئام على أرض المملكة، إضافة إلى ملايين الحجاج والزائرين والمعتمرين الذين يأتون من معظم العالم ويعيشون بهذا السلام والأمان، وبالتالي نوصل رسالة بأن استقرار هذا البلد الأمين هو استقرار للعالم، كما يجب أن نكون في رسالتنا الإعلامية الداخلية على قدر المسؤولية، وننظر لقيمة وطننا وقوتنا، وقيمة توجه المملكة لخلق هذا التحالف، وأنها لم تتجه للرد بعدوان، بل بتحالف دولي يعيد الشرعية لليمن ويحافظ على أمنها واستقرارها، وأننا نملك من القوة الشيء الكثير لكننا لا نمارسها، وأن هذه القوة مسؤولية تجاه العالم، والمحافظة على مكتسبات الأشقاء من العرب. الإعلام العالمي يحترم القوي المسيطر الحازم بدوره، أكد اللواء فيصل حسن حامد أستاذ الإدارة العامة بكلية الدراسات العليا بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والباحث في الشؤون الأمنية والإدارية أن سياسة المملكة واضحة وجلية ولا تقبل التأويل منذ تأسيسها، حيث إنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، موضحاً أن انطلاقة عملية "عاصفة الحزم" بقيادة المملكة ومشاركة ودعم العشرات من دول العالم، لا تحيد عن هذه السياسة، حيث كانت استجابة لنداء الرئيس الشرعي المعترف به دولياً لليمن، ووفقاً لمواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، إضافة إلى أن سيطرة العصابات الخارجة عن القانون على الأوضاع في اليمن الشقيق أصبحت تشكل تهديداً على دول مجلس التعاون الخليجي، أي أن عملية "عاصفة الحزم" هي عملية شرعية مستمدة من القوانين الدولية المعترف بها، كما قد تعتبر عملية "دفاع عن النفس". ومن جهة أخرى، أشار اللواء حامد إلى أنه من المعروف أن العالم يحترم القوي المسيطر الحازم الذي يعرف ما يريد ويفعل وينفذ ما يقول، ولذلك لا يتوقع أستاذ الإدارة العامة بكلية الدراسات العليا بجامعة نايف من الإعلام بكافة أنواعه الورقي والالكتروني، بما في ذلك الإعلام الغربي، إلا الإشادة بموقف المملكة ودول الخليج العربية، وتفهم موقفها، إلا وسائل الإعلام المأجورة المساندة لعصابات الحوثي ومن يموله من الدول التي لها أهداف عدائية لدول الخليج، فهذه سوف يكون موقفها سلبياً وتحاول الإساءة.