حتى لا تضيع القضية في التفاصيل أبدأ بالتوجه لمعالي الدكتور عزام الدخيل (أبي محمد، كما يحلو له أن نناديه)، بأن مخترعاتنا ضائعة ولا بد من تأسيس هيئة للمخترعين تُحوّل هذه المخترعات إلى مصانع وشركات لنتحول إلى اقتصاد المعرفة الذي تحول له العالم وأصبح 50% من اقتصاده مبنيا على اقتصاد المعرفة ويسعى العالم جاهدا لإكمال الـ50% الأخرى. هذا هو المطلوب وإليك التفاصيل.. لقد كتبت كثيرا في هذا الموضوع الهام جدا لأنه يخص فئة يتوقف عليها بعد الله تقدم بلادنا علميا واقتصاديا واجتماعيا وفي كل المجالات هؤلاء هم فئة (المخترعين) الضائعين والضائعة مخترعاتهم، بمعنى أن هذه المخترعات على كثرتها لم نر آلية محددة كما هو موجود في الغرب تحولها إلى مصانع وشركات لتدخل بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية من أوسع أبوابها إلى اقتصاد المعرفة.. هناك جهود مبعثرة ومحاولات لا تكفي لتشكيل آلية علمية محددة للاستفادة من مخترعاتنا القائمة.. نعرف أنك تعرف يا أبا محمد أن الأمم تتقدم بفضل الله ثم بفضل مواطنيها ومواطناتها المبدعين والمبدعات، والموهوبين والموهوبات.. هؤلاء أدوا دورهم بكل اقتدار وفشلنا كمؤسسات دولة في أن نؤدي دورنا للاستفادة من مخترعاتهم.. المنظمة الدولية للملكية الفكرية WIPO World Intellectual property سجلت خلال الخمسة عشر عاما الماضية مئات المخترعات في الدول العربية وتشكل المخترعات السعودية نسبة كبيرة منها. هذه المخترعات لم تتم الاستفادة منها.. أبامحمد أسألك بالله: ألم يحن الوقت؟ في العالم المتقدم لا يمضي شهر من تسجيل براءة الاختراع حتى يتحول ذلك الاختراع إلى شركة تسهم في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، والتفصيلات في ذلك كثيرة.. وبما أننا رغم ما كتبناه هنا من مرات لم نجد الرد أو التجاوب فسأحاول الاجتهاد لتحديد المشكلة، فالمشكلة أن المخترع عندما يريد استثمار اختراعه وتحويله إلى شركة منتجة عليه أن يتعامل مع عدة وزارات، بما في تلك الوزارات من بيروقراطية، ومنها وزارة المالية للحصول على المال ووزارة الصناعة بحكم وجود مصانع ووزارة التجارة لتحديد مواصفات المنتج ووزارة البلديات للحصول على الأرض. وتوضع العراقيل تلو العراقيل أو على أقل تقدير تطول الإجراءات ويضيق نفس أصحاب الطلبات.. مع العلم أنه من المفروض ألا تكون مسؤولية تحويل المخترعات إلى بضائع مسؤولية المخترع فليس هذا دوره. وهنا أعيد الاقتراح بأن تنشأ "هيئة المخترعين" تحتضن هؤلاء المبدعين، أبامحمد: أتوسل إليك أن نقضي قضاء مبرما على عدونا الأول.. أتدري من هو؟ هو الوقت، وننشئ بالسرعة الممكنة من الآن هيئة للمخترعين.. لأنه لا توجد جهة محددة ترعى هؤلاء الشباب المتفوقين الذين سجلوا براءات اختراع عديدة على مستوى الوطن لتحويل تلك الاختراعات إلى شركات منتجة. نقدر لتلك الجهات التي رعت تلك المواهب حتى أوصلتها إلى هذا المستوى لكن ليس من مهام تلك الجهات إكمال المسيرة. ولهذا قد يكون من المناسب جدا تأسيس هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة بكوادرها وميزانياتها لتحويل اختراعات مواطنينا إلى شركات منتجة حتى لا ننزلق في نمطية الروتين وسرد مبررات غياب الدعم والتمويل أو أي مبررات أخرى تضع مثل هذه الإنجازات على الرفوف تكوِّم الغبار، ونحن لا نريد ذلك.. نريد هيئة مستقلة تعد خططا وسياسات تتجاوز الروتين وتتجاوز التبريرات لنرى مصانع قد قامت وشركات قد أسست لنجني ثمار هذه الاختراعات في وقت قياسي لتتحول هذه الابتكارات إلى صناعات تحول بلادنا إلى دولة متعددة مصادر الدخل غير القابلة للنضوب، واقتصاد المعرفة غير قابل للنضوب. والخطوات المتحققة في وصول موهوبينا إلى هذه النتائج الباهرة هي خطوات على الطريق الصحيح، وأرى أنه من الضرورة تأسيس هيئة للمخترعين تركز فقط على هذه المهمة. مساعدة المخترعين على تأسيس شركات ومصانع ينعكس أثرها إيجابيا في مشكلة البطالة بشكل خاص وفي اقتصاد الوطن بشكل عام. إنها تحقق لنا اقتصاد المعرفة هذا الهدف الذي أصبح سمة بارزة من سمات عصرنا الحاضر. ومن غير المناسب ألا تعيش بلادنا اقتصاد المعرفة في عصر اقتصاد المعرفة. العالم كله يعيش اقتصاد المعرفة ولا بد أن نعيشه.. الهدف الأخير للاختراعات ليس الاحتفاء ومنح المخترعين الجوائز.. هذا جيد لكن هدف الاختراعات هو تحويلها إلى مصانع وشركات منتجة تنوع الدخل وترتقي باقتصاد الوطن. وخلاصة القول، هذه الإنجازات النوعية يجب أن لا يقف ابتهاجنا عند سماعها والاحتفاء بها، الاحتفاء شيء جميل ومن حقنا وحق الذين حققوا هذه الإنجازات أن نحتفي بهم وأن يحتفي بهم الوطن ويفخر.. لكن تأسيس هيئة للمخترعين لتحويل مخترعاتهم إلى شركات توظف مواطنين وتصدر بضائع وتحقق بدائل دخل وترتقي باقتصادنا ضرورة قصوى. تأسيس هيئة للمخترعين هي الخطوة الأولى التي نخطوها بثقة نحو اقتصاد المعرفة.. أبا محمد: لا أظن أن هذا إلاقتراح يمر دون أن تقف عنده وقفة جادة ينتج عنها قرار حكيم. لك كل التقدير.