أقيم بقاعة بيكاسو للفن التشكيلي معرض «رباعيات مصرية» للفنانين جورج بهجوري، سيد سعد الدين، عبدالوهاب مرسي، عمر النجدي، والذي يستمر حتى منتصف إبريل القادم، حيث تتميز لوحاتهم بسمت خاص لكل فنان، فالبهجوري خطوطه وألوانه قادرة دوماً على توصيل أفكاره، والتعبير بحنكة وبساطة عن ملامح ووجوه نجومه وأبطاله من العامة كانوا أو من المشاهير؛ مستعيناً بأكثر من رؤية ولغة تشكيلية، لها مذاقها وطابعها الخاص.. وهذا سر تألقه وشهرته التي تعدت حدودنا المصرية والعربية، ووصلت به إلى العالمية. ريشة «البهجوري» قادرة دوماً على مخاطبة البسطاء والمجتمعات الشعبية في القرية والحارة المصرية. أما سيد سعد الدين، بمنطلق معماري، ويقين صوفي، وحنكة مخرج مسرحي، وحكمة كاهن معبد فرعوني يمسك سيد سعد الدين فرشاته ويرسم موضوعاته الحبلى بالأضواء والظلال، بل وبما هو أبعد بكثير من مجرد الخطوط والألوان والتكوينات التي تحتويها، إنه يضع فيها من روحه وروح مصر وروح الزمن وروح الوجود كله، ما يتعدى على الدوام العناصر المحسوسة، التي يمكن أن يعتريها الزوال إلى ما هو أبدي، يبدو أمامك المنظر كما لو كان ممتداً عبر الزمان والمكان، لا يطوله البلى، أو التحلل، أو الفساد، ستشرق شمس وتغرب أخرى، وستشرق ملايين الشموس وتغرب، ويظل المشهد مترامياً برحابته أمام ناظريك إلى الأبد. وعبدالوهاب مرسي فنان له موقع خاص وله خصوصيته، وقد اشتهر بالأعمال الجدارية، وهو في الواقع يقدم هذه الأعمال وغيرها بقدرة فائقة على التعامل مع السطح.. فهو مرة غائر، ومرة خشن، ومرة بارز، يتعامل مع الفراغات بقدرة هائلة على تحويلها إلى جزء من العمل، هو باختصار فنان دخل معركة إحياء التراث من بوابة الفن التشكيلي، أو بمعنى أصح من بوابة التصوير الجداري، دون السقوط في الانبهار بالتراث، بمعنى أنه تحديثي وليس سلفياً.. ولم ينس يوماً أنه ابن القرية المصرية، التي تعلم فيها الألوان الواضحة المميزة لبيئة الريف المصري وأخلاقيات هذا الريف في أيامه.. فالفارق كبير، ومن خلال مشواره الفني استطاع أن يقدم العديد من الأعمال التي تجسد الإنسان في صراعه مع الحياة، مع عدم إسقاط أصوله الثقافية، فنجد الموتيفات الزخرفية، ونجد الخطوط المعبرة ملتزمة بالخطوط المصرية القديمة، دون نقله لها، فتصرفه في اللون وتكوينه للشخوص والوحدات الزخرفية، تعكس استلهامه للتراث وهضمه له، ثم استخدام رؤيته الخاصة في تشكيل العناصر والحرفية العالية في التقنية وخصوبة خياله، أعطاه مكانته الخاصة والمميزة في ساحة الفن التشكيلي المعاصر. وعمر النجدي ذات الشيء، فمن يشاهد لوحات النجدي يعرف أنه مصري وعربي صميم.. ويفسر الملامح الفرعونية لشخصياته، وطريقة جلوسها وحركة أيديها، كما أنه يوظف بعض الرموز المصرية القديمة، مثل الطيور والأواني، وهو يمزج بين كل هذه العناصر في نسيج عمله، فلا تبقى مجرد عناصر زخرفية، بل هي عناصر حية تربط بين زخم الماضي والواقع الحالي.