منذ سبتمبر الماضي والأحداث تتسارع في اليمن وبدأت تزداد حدة خطورتها جراء الانقلاب الذي نفذته ميليشيا جماعة الحوثي على الشرعية اليمنية وهو ما زعزع أمن اليمن واستقراره، وأصبح يشكل تهديدا كبيرا لأمن المنطقة واستقرارها وتهديدا للسلم والأمن الدوليين، وقد بذلت المملكة جاهدة بصبر وحكمة خلال الفترة الماضية مع حلفائها الخليجيين والعرب والدوليين مساعي حميدة وجبارة في محاولة منها لاسترجاع حالة الأمن والاستقرار التي كانت تتدهور وتنهار يوما بعد يوم أمام تعنت وصلف جماعة مدعومة من الخارج ولا تؤمن بمصلحة شعبها ووطنها، حرصا من المملكة على استقرار اليمن ومصلحة اليمنيين من خلال البناء على العملية السياسية التي أطلقتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي تضمن الانتقال السلمي للسلطة، والالتزام بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لتلبية طموحات وتطلعات كافة أبناء الشعب اليمني؛ ولحماية المنطقة من تداعيات هذا الانقلاب وهذه الزعزعة الأمنية. وأمام هذه المساعي الحميدة والمباركة التي قامت بها المملكة ودعمها السياسي والاقتصادي طوال الفترة الماضية، عمل الانقلابيون على نسف كل طرق الحوار والتفاهم فسيطروا على مؤسسات الدولة ومرافقها وحاصروا رئيسها وأعضاء حكومتها وجعلوهم جميعا تحت الإقامة الجبرية، فضلا عن سيطرتهم على أسلحة ومعدات الدولة ومعسكراتها، ثم ما لبثوا بالتمدد ككرة ثلج على معظم المحافظات اليمنية ونشروا في الناس القتل والدمار والخوف والرعب بدعم ومؤازرة من المخلوع علي صالح ودولته العميقة وولاءاته في الجيش والأمن اليمني وبما يشكل تهديدا خطيرا للمنطقة بكاملها. في الوقت الذي نفشت إيران ريشها فرحا وغرورا، واعتبرت انقلاب الحوثيين تحقيقا لمشروعها التوسعي حين أعلنت بغرور أجوف أن صنعاء رابع عاصمة عربية تسقط في أيديها فحلقت الطائرات الإيرانية فوق صنعاء تنقل الأسلحة والعتاد وتعود بعناصر حوثية لتدربهم على يد الحرس الثوري متجاهلة تاريخ صنعاء التي طردت باذان الفارسي ذات يوم وصدت الغزاة وطهرت اليمن من نجسهم، ومتناسية أيضا في حالة من المزاج الهستيري الأرعن علاقة العرب التاريخية بهذا الجزء من الجزيرة العربية، وأنهم لم ولن يفرطوا بعروبة صنعاء وتاريخها وحضارتها. وكنتيجة طبيعية للأحداث المتسارعة والأطماع التي خلفت تحديات كبيرة على الساحة اليمنية هددت معها الأمن والسلم اليمني والعربي والدولي جاء طلب الرئيس الشرعي في اليمن عبد ربه منصور هادي لأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لحماية اليمن وشعبه العزيز من عدوان الميليشيات المسلحة الحوثية التي كانت ولا تزال أداة في يد قوى خارجية لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق التي لم تتأخر لحظة واحدة لردع هذا العدوان وإنهاء هذا التمرد البربري والانقلاب الهمجي الغوغائي ووضع حد للتوسع الحوثي الإيراني لبسط سيطرته على المنافذ الاستراتيجية. وإن كانت اليمن تشكل دولة جارة وشقيقة للمملكة ودول الخليج تربطهم معها علاقات أخوية وتاريخية وطيدة، فإن الأمن في اليمن هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل من أن «أمن اليمن وأمن دول مجلس التعاون الخليجي كلٌّ لا يتجزأ»، فأمن اليمن هو أمن المنطقة وتحديداً الأمن الخليجي والعربي وهو ما يعطي دلالة لصدق النيات والإدراك والتفهم والثبات في موقف المملكة مع اليمن قيادة وشعبا وأنها لن تقف متفرجة على ما يحصل من تطورات خطيرة فكان ردها كما شاهدنا منذ ليلة الخميس حاسما لصالح الشعب ضد من انقلبوا على سلطته الشرعية وأفشلوا جميع المساعي السياسية التي تحفظ لليمن استقراره ووحدته وتحفظ للمنطقة برمتها السلام والأمن. وهو ما يتضح جليا من خلال ما تقوم به طائرات التحالف التي تقودها المملكة بمساعدة خمس دول خليجية ودول أخرى عربية وإسلامية من قصف لمواقع عسكرية وقيادية للحوثيين ضمن عملية «عاصفة الحزم» التي تحظى بقبول شعبي كونها تستهدف دعم الشرعية وإنهاء التمرد وإسقاط الانقلاب ومنع انهيار اليمن ليشرق على اليمن واليمنيين فجر جديد طال انتظاره وبالمقابل. لقد أعلنت الرياض أن صبرها نفد وأن الأطماع الصفوية والمؤامرات التي تحاك ضدها وضد جيرانها حان استئصالها. فعاصفة الحزم ضربت معاقل الأشرار وسمع دوي انفجاراتها شرقا على بعد آلاف الأميال من عدن وصنعاء فأوجعت عاصمة الشر والمكر طهران فكانت الرسالة واضحة، فهل فهمها الشيطان! ودامت الأمة سالمة.