×
محافظة الرياض

أمير الرياض يرأس اجتماع لجنة الإشراف على مزرعة الثمامة

صورة الخبر

وحدهم الإيرانيون ربما يعرفون أكثر من سواهم إجابة عن تساؤل مُقلِق واكب الحدث اليمني، حتى فجر أمس، مع اندفاعة الحوثيين ليلاً لإسقاط أكبر قاعدة جوية في اليمن، وإصرار جماعتهم على ملاحقة الرئيس عبدربه منصور هادي، وانتزاع عدن منه، وانتزاعه منها. والسؤال الذي يبدو أنه لم يُقلِق الإيرانيين، الحُماة الفعليين لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، هو كيف ستردّ دول الخليج العربية على أقصى الاستفزاز الذي يتجسّد في تغيير معادلة الأمن الإقليمي، خصوصاً أن جماعة عبدالملك باتت تطل على البحر الأحمر وباب المندب؟ ولأن للمملكة العربية السعودية حدوداً طويلة مع اليمن، يصبح السؤال: هل يسعى حماة الحوثيين إلى اختبار خَطِر لقدرة المملكة على التعايش مع تمدُّد النفوذ الإيراني الذي بات على الأبواب والمرافئ والسواحل القريبة، بعدما كان رياحاً... وما زال يتلاعب باستقرار البحرين؟ هل تتوقع طهران أو تتمنى دخول السعودية في صدام مباشر مع الجيران الجدد، جماعة الحوثي التي نجحت في نسف المبادرة الخليجية للتسوية في اليمن، كما نجحت في استغلال شبقٍ إلى السلطة ما زال يراود الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ويدغدغ لديه نزق التوريث لابنه أحمد، رأس حربة الحرس الجمهوري سابقاً... ولو بعد «محطة» هادي؟ لا حاجة إلى محاكمة أدبيات الخطاب السياسي الإيراني مجدداً، وهو يتعفّف علناً عن التدخل في شؤون الآخرين، لكنّ يد «الامبراطورية» التي باتت طويلة بطول حدودها، من سورية ولبنان إلى العراق فاليمن، هي التي ترسم خرائط الحقائق والصراع المحتدم. علي صالح يثأر من الثورة على نظامه، ويثأر من المبادرة الخليجية التي كان هدفها مرحلة انتقالية سلمية، تُجنِّب اليمنيين شلالات دماء. الرئيس السابق التقط فرصته بالحوثيين، فلم يتورّع عن شق صفوف الجيش لـ «تتبخّر» بعض وحداته أمام زحفهم في البداية، كما «تبخّر» الجيش العراقي في الموصل. جماعة عبدالملك وجدت في علي صالح ايضاً الغطاء الذي يمكّنها من ادعاء شراكة مع تحالف واسع يمنح انقلابها «شرعية» أمر واقع، سواء تمكّنت من اعتقال هادي أو من إرغامه على مغادرة اليمن. والعقدة- المأساة التي تُنذِر بها اندفاعة صعدة إلى عدن، هي أنّ تَفادي الحروب الأهلية المتنقلة سيصبح مستحيلاً، ولو قبض عبدالملك على كتلة النار في عدن. صحيح أن أنصار الانفصال في الجنوب لم يبدّلوا موقفهم من «هيمنة الشمال»، لكن الصحيح أيضاً أنهم لن يقبلوا بسطوة الحوثيين الذين حوّلوا رئيساً منتخباً إلى «خائن» بين ليلة وضحاها، وعرضوا مكافأة مالية (مَنْ يُموِّل؟) لمن يساعد في اعتقاله... فالتخوين سلاح جاهز، وصناعته معروفة المنشأ. هل كان مجرد مصادفة أن تتطابق تهديدات علي صالح للرئيس الشرعي، مع ممارسات عبدالملك الحوثي الذي يفتّش عن «داعش» في قصر هادي؟ هل كان سابقة- في تعاون دول عربية مع الولايات المتحدة- أن تكتفي واشنطن بعبارات التنديد بالانقلابيين، وتنسحب كما فعلت قواتها الخاصة في اليمن، ما أن تحلّ ساعة الحسم؟ ساحة أخرى يخليها الأميركيون لإيران وحلفائها في الدول العربية، ليحوّلوا الارتياب بهم إلى اقتناع بواحد من احتمالين: إما أن واشنطن تدفع لطهران مقدّماً ثمن الصفقة «النووية»، وإما أنها تراهن على ما يسمّى الصراع السنّي- الشيعي، لتدمير ما بقي من قدرات لدول المنطقة، ولو بجرّ منطقة الخليج إلى بركان حرب. والمشكلة أن «امبراطورية» خامنئي قد تتوهّم بقدرتها الخارقة على إشعال الحريق، ورفع أسوار عالية تقي إيران لهيبه. المخيف أن تراهن طهران دائماً على رفع درجة الاستفزاز، لأن الجيران لا يريدون حروباً. لا يريدونها لكنها قد تندلع بمجرد مناوشات.