عندما تجد مسؤولاً ناجحاً جداً، أو متعثراً كثيراً، فتش أولاً عن من يدير الاتصال - العلاقات العامة - حوله، حتى تتأكد أن النجاح حقيقي، أو الفشل كذلك، لأن العميلة الاتصالية - وبكل تعقيداتها وتفرعاتها - هي أساس ظهور كل الأعمال في الحياة، والجسر الذي تعبر من خلاله أي رسالة، بين الأفراد والأفراد، أو بينهم وبين الشركات، أو الحكومات والمنظمات أيضاً. حاولت أن أقدم شيئاً يسيراً، عن صناعة كبيرة، لأقول بأهمية الاتصال، والتي لم نزل لا نوليها الاهتمام الحقيقي، سواء بشكلها الطبيعي، أو من خلال الأزمات، وحتى أكون أكثر وضوحاً ومباشرة، فأنا أتحدث عن أزماتنا الإعلامية، في زمن التقنية والتسارع، امتداداً من "أزمة 11 سبتمبر"، وليس انتهاء ب"أزمة السويد" الحالية، والتي - بنظري - لم تأخذ الحق المفترض "إعلامياً"، مع رجعية الوسائل المستخدمة غالباً، والتي تنتهج العمل ك"ردة فعل" وحسب، في وقت كان يمكن أن تبادر عبر بوابات مختلفة. قلت سابقاً، بأن "تلفزيوننا" لديه فشل في إقناع المتلقي الداخلي، وبالتالي لن يستطيع مخاطبة المتلقي الخارجي، في ظروف سياسية معقدة، تستلزم وجود محتوى مقنع يواكب المرحلة، والأمر لا يعني التلفاز برمته، حيث اختلفت الأدوات الممكنة، والتي صارت في متناول الأفراد قبل الحكومات، وتحديداً الشبكات الاجتماعية، التي لم توظف كما يجب، ولأن قانون الفضاء الرقمي مفتوحاً، سيطر على كثير من هؤلاء الأفراد من يستغلهم، ويجيش الأشياء لصالحه، والتي قد تأتي تضاداً. على سبيل المثال، هل بحثت المؤسسات الحكومية والإعلامية عن المتلقي "السويدي"، والحديث له بلغته وثقافته، وحاولت الوصول إلى ممرات قناعاته، قبل نشر المعلومات المتسمرة بالطرق التقليدية.. الأمر ليس كذلك وحسب، بل إن الطرائق تختلف بحسب التوقيت وماهية الأزمة والمتلقي، وحتى نتحدث عن نتائج وليس مجرد اقتراحات، فلا أعتقد أن أي مسؤول - حقيقي - لم يطلع على تجربة أوباما الاتصالية، التي فتحت له أبواب البيت الأبيض، بعد أن تحدث للعالم بلغة التقنية، وجاء مختلفاً.. وهي خير برهان! وكل هذا، وغيره، يفرض علينا لغة خطاب مختلفة، لأنه لا توجد دولة - أو شعب - بلا مشاكل، حيث إنه ليس من الدقة أن نحدثهم عن تفاصيلهم السياسية، مع التذكير على رفضنا التام لما ذكرت وزيرة الخارجية السويدية، وعدم الموافقة على القفز على "سيادات" الدول، حيث إن السويد تحتل المرتبة الأولى في العالم في مؤشر "الإيكونوميست" للديموقراطية والسابعة في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، ولكن هناك زوايا أخرى يمكن طرقها، من باب "لا تدق باب.. يندق بابك"، كالحالة المجتمعية مثلاً، إذا ما علمنا أن نسبة الانتحار لديهم للذكور تقدر ب19.5%، لكل 100000 نسمة، و7.1 للإناث، بحسب آخر إحصائية منشورة في عام 2002، خاصة إذا ما علمنا أن الدولة تحتل مركزاً متقدماً في "حالات الانتحار" بالنسبة للعدد الكلي للدول! وبعد كل ما ذكر، يبقى السؤال: لماذا لا توجد لدينا هيئة لإدارة الأزمات.. والكوارث؟! والسلام.