قال الدكتور إبراهيم المهنا؛ مستشار وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، "إن دول الخليج تستحوذ على 40 في المائة من الاحتياطي العالمي من النفط، و20 في المائة من إنتاج النفط عالميا، و35 في المائة من التجارة العالمية في البترول". وأضاف خلال ورقة عمل قدمها حول "البترول والإعلام والخليج: نظرة عامة"، في الجلسة الأولى لملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول الخليج، المنعقد حالياً في فندق الإنتركونتننتال في الرياض، أن "من المسلّم به أن الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية لها تأثير كبير في أوضاع جميع الأسواق بما فيها السوق البترولية بشكل حقيقي، إلا أن هناك أحداثا أخرى تؤثر في اتجاه السوق بشكل كبير، بحيث تنخفض أو ترتفع الأسعار ما بين 20-30 في المائة وفي حالة تصاعدية أو تنازلية قد تستمر لعدة أشهر"، مبيناً أنه "خلال الـ 40 عاماً الماضية حدث 12 تقلباً رئيساً في أسعار البترول تقريباً نصفها يعود إلى أسباب سياسية وعسكرية". ودلل المهنا، على المعلومات الخاطئة التي تزامنت مع تراجعات أسعار النفط خلال النصف الأخير من العام الماضي، على غلاف مجلة الإيكونومست التي تصدرها كاريكاتير يظهر شخصا بزي عربي وآخر بزي أمريكي، في إشارة إلى حرب بين الدول العربية والولايات المتحدة بشأن الغاز الصخري. من جهته، قال المهندس سهيل المزروعي؛ وزير الطاقة في الإمارات لـ "الاقتصادية"، مساء أمس الأول، "إن بلاده ستستضيف الدورة المقبلة (الثالثة) من ملتقى الإعلام البترولي الخليجي في عام 2017"، مستدركا أنه "لم يتم تحديد الموعد المحدد لها بعد". وبسؤاله عن أسعار النفط وتوقعاته لها خلال الفترة المقبلة، قال المزورعي "إن أسعار النفط متروكة لعوامل العرض والطلب في السوق". وخلال نقاشات الجلسة، قالت سميرة قعوار؛ محررة شؤون الشرق الأوسط في أرجوس ميديا في المملكة المتحدة، "إن تصريح علي النعيمي وزير البترول السعودي، بأن الإنتاج الحالي للسعودية عشرة ملايين برميل يعني زيادته عن متوسطه خلال الفترة الأخيرة". وبررت قعوار هذا الارتفاع في الإنتاج بقرب فصل الصيف ما يعني زيادة الاستهلاك المحلي، مؤكدة أنه لن يؤدي إلى تراجع أسعار النفط عالميا كون صادرات السعودية ستبقى كما هي وما سيزيد فقط هو الاستهلاك المحلي. وذكرت أن عدم التواصل المستمر من قبل المسؤولين، هو السبب الرئيس في المعلومات المغلوطة التي يتم بثها من قبل وسائل الإعلام، لافتة إلى وجود شح كبير في المعلومة من الدول المنتجة للنفط ما يسبب شائعات عدة، وتنبؤات قد تكون غير دقيقة من وسائل الإعلام والمختصين في مجال النفط. من جانبها، قالت كيت دوريان محرر أول في مجلة middle east economic survey - mees ، "إن تأثير الأوضاع الجيوسايسية أصبح أقل في أسعار النفط من السابق". وأكدت دوريان أن منظمة أوبك ما زالت مؤثرة بشكل كبير في سوق النفط العالمية، إلا أن تأثيرها قد تراجع نتيجة لوجود دول أخرى خارج المنظمة تنتج كميات كبيرة من النفط منها الولايات المتحدة وروسيا. وبالعودة إلى الدكتور إبراهيم المهنا مستشار وزير البترول والثروة المعدنية، حيث قال "إنه خلال القرن العشرين توسع استخدام البترول سنة بعد أخرى وكذلك الاهتمام الإعلامي به، إلا أن هذا الاهتمام يكبر مع الأزمات مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأزمات في مناطق الإنتاج التي من أهمها الثورة الإيرانية عام 1953 وتأميم البترول من قبل حكومة محمد مصدق، وتأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1967 وتوقف خط التابلاين للبترول من الخليج إلى لبنان وإقفال قناة السويس". وأضاف، "إن أكبر تطور سياسي بترولي إعلامي منذ الحرب العالمية الثانية حدث في عام 1973، مع الحرب العربية الإسرائيلية وقيام بعض الدول العربية المنتجة للبترول بمقاطعة الدول المساندة لإسرائيل بشكل مباشر، وارتفاع أسعار البترول من ثلاثة دولارات إلى 14 دولاراً، ما رفع أهمية البترول من قبل المواطنين في الدول الغربية المستهلكة، وفي الدول المنتجة". وأوضح، أنه في جانب الإعلام البترولي بدأت تظهر الصحافة البترولية المتخصصة ذات الطابع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية ولعل من أهمها نشرة بتروليوم إنتلجنس ويكلي ونشرة ميدل إيست إكونميك سيرفي. وتابع، "إلا أن التحول الكبير الثاني في الإعلام البترولي، والعلاقة بين الجانبين حدث في أوائل الثمانينيات، حيث الأحداث السياسية العسكرية التي أثرت في تصدير البترول مثل الثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وتذبذب أسعار البترول بشكل حاد من 40 دولاراً في عام 1980 إلى عشرة دولارات في عام 1985". وأكد، أن ظهور السوق المستقبلية للبترول الخام ومشتقاته في نيويورك، كان من أبرز الأمور المهمة خلال القرن العشرين، وهذا يعني تحول جزء كبير من المبيعات والمشتريات البترولية (نحو 70 في المائة حالياً) من بيع وشراء براميل بترول حقيقية إلى عقود آجلة على الورق مع دخول عدد كبير من اللاعبين غير التقليديين في أسواق البترول، وهذا يشمل المصارف والمستثمرين والمضاربين من شركات وأفراد وشركات غير بترولية مثل شركات الطيران بهدف أخذ الحيطة. وبين، أن الإعلام فيما يخص الشأن البترولي، كما هو في أغلب الشؤون الأخرى، يركز على الإثارة، وجلب انتباه القارئ والمستمع والعاملين في السوق البترولية، وبالذات المستقبلية، ويبحثون عن الحقيقة والتوقعات، كما أنهم يبحثون عن الإشاعات والأفكار والإثارة التي قد ترفع السعر أو تخفضه، ولعل الأسوأ من ذلك، أن بعض المسؤولين، والمختصين، والصحفيين، والمحللين، والكتاب، يستخدمون الإثارة، والمبالغة، والحديث عن نظريات المؤامرة، لجلب الاهتمام، ومن أجل أن تتناقل وسائل الإعلام أقوالهم. وأضاف، "ما زاد الأمر تعقيداً دخول وسائل التواصل الاجتماعي في الصورة، وأغلبها مبني إما على الآراء الشخصية، أو الشائعات، والأمنيات، أو أنها نقل مبكر لخبر لم ينشر، ولم يتم التحقق منه بطرق رسمية من حيث نوعيته وأسبابه وتطوراته". وتساءل المهنا في ورقته، "هل بالإمكان إنشاء إعلام بترولي خليجي له دور وأهمية دولية مع الأخذ في الاعتبار أن مراكز الأبحاث والمتخصصين والخبراء هم جزء مهم من العملية الإعلامية"؟ وأشار إلى أن الجواب، "نعم بالإمكان ذلك، لكن بتحقيق أربعة شروط، وضوح الهدف من إنشاء هذا الإعلام، وتدريب كوادر بشرية إعلامية خليجية جيدة ذات ثقافة ومعرفة بقضايا البترول والطاقة، واستقلالية وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الصحفية من البيروقراطية الحكومية، ومن أي ارتباط مباشر بالتطورات والاختلافات السياسية داخل المنطقة، وأخيراً تعاون المسؤولين الحكوميين والشركات البترولية مع وسائل الإعلام الخليجية". وفي الجلسة الثانية، التي أقيمت بعنوان "الشفافية والمعلومات في الإعلام البترولي الخليجي"، قال الدكتور أنور الرواس؛ رئيس قسم الإعلام في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في سلطنة عُمان، "إن صناعة الطاقة تشهد ازدهارا كبيرا في مختلف دول وأسواق العالم وتتحرك بسرعة كبيرة في اتجاهات عديدة، من خلال استخدام مصادر جديدة وإمدادات جديدة وتكنولوجيا جديدة وطرق جديدة للتفكير"، لافتاً إلى أن الشركات الرائدة في هذا المجال تعتمد على وسائل الإعلام اعتمادا كبيرا ومتزايدا للحفاظ على حصتها السوقية وتنميتها باستمرار، وهو ما يجعل المعلومات في هذا القطاع سلعة ذات قيمة كبيرة لدى الشركات العاملة فيه. وطرح الرواس في ورقته مسألة إدراك الدول التغيرات التي ستطرأ عليها إثر دخولها إلى المنظومات العالمية وتحديدا تحت مظلة الأمم المتحدة ومن خلال الهيئات الدولية، خاصة أن عبارات "سري، وسري للغاية، ومحدود التداول"، انقرضت في عصر الفضاء المفتوح. ووضع الرواس ثلاثة شروط لتطبيق شفافية الإعلام متعلقة بوجود عديد من مصادر المعلومات المتنافسة فيما بينها، ومعرفة كثير عن وسيلة توصيل المعلومات، وأن يكون تمويل الإنتاج الإعلامي متاحًا بشكل علني. كما وجه الرواس عددا من المقترحات إلى الصحف لتغيير استراتيجياتها في تغطية الأحداث النفطية، مشددا على ضرورة إنشاء أقسام صحفية متخصصة في الطاقة، وزيادة التعاون مع المؤسسات الإعلامية وغير الإعلامية المتخصصة في الطاقة. من جانبه، دعا الدكتور ربيعة الكواري؛ أستاذ الإعلام المساعد رئيس قسم الإعلام في جامعة قطر، إلى ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية في المؤتمرات والندوات المتخصصة في مجال الإعلام البترولي، بما يعزز التجارب الناجحة خاصة في مجال صناعة البترول وتسخير وسائل الإعلام لخدمته بالشكل الصحيح، وأيضاً تكثيف ورش العمل والدورات التدريبية والحلقات النقاشية، والاستفادة قدر الإمكان من البحوث والدراسات وآخر الاستنتاجات التي تقدم في مثل هذه المؤتمرات والندوات وتسخيرها بما يعزز التطوير والتقدم لصناعة النفط. وقال الكواري "إن الملتقيات والمؤتمرات النقاشية الهادفة تقدم كثيرا من الحلول والرؤى العلمية التي تسعى من أجل تنوير الدول والشعوب بأهمية وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة". ولفت خلال الجلسة الثالثة التي عقدت بعنوان "دور المؤتمرات والندوات البترولية في تعزيز الثقافة البترولية"، إلى ما تلعبه الملتقيات والمؤتمرات من دور ريادي في توجيه المجتمع وأصحاب القرار من أجل رسم الصورة الحقيقية لمسألة النفط أو صناعة البترول وما يجب أن يكون عليه تعزيز الثقافة البترولية، وخاصة داخل دول مجلس التعاون الخليجي.