ينص ميثاق حزب الليكود الإسرائيلي على: أ-"نهر الأردن سيكون الحدود الشرقية الدائمة لدولة إسرائيل". ب- "القدس عاصمة أبدية موحدة لدولة إسرائيل فقط وليس لغيرها. حكومة إسرائيل ترفض رفضاً قاطعاً المقترحات الفلسطينية لتقسيم القدس". ج- "حكومة إسرائيل ترفض رفضاً باتاً إقامة دولة عربية فلسطينية غرب نهر الأردن". (من ميثاق حزب الليكود، نوفمبر 2011) قبل يومين من بدء الانتخابات، كشف بنيامين نتنياهو (بيبي) الذي وصف بأنه "ذئب في ثوب حمل"، إيمانه الحقيقي بقوله "لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، طالما بقي هو رئيسا للوزراء". لقد حطم هذا التصريح الكثير من الجسور بين اليهود الأميركيين في واشنطن وفي الأمم المتحدة، وبين الدول العربية التي وافقت على عرض "السلام الشامل"، في 2002، وهو عرض يقوم على أساس أفكار خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأنه يمكن أن يحل السلام في المنطقة مقابل اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية ذات السيادة، وإنهاء الاحتلال. وفي داخل إسرائيل، فإن عنصرية نتنياهو المعادية لموقف العرب ربما أكسبته مقعداً في الكنيست، وبالتالي نال رئاسة مجلس الوزراء. ليس هناك ما يدعو لاستغراب أحد، حيث إن الحظر على إقامة دولة فلسطينية كان سياسة الليكود لنحو عقدين من الزمن. وربما يعتقد البعض أن نتنياهو سياسي كبير، لكنه في الواقع كذاب كبير. فهو حتى الآن لم يقل صراحة إنه سيمنع قيام دولة فلسطينية، وفي الواقع إنه قال عكس ذلك تماماً. استناداً إلى استطلاعات الرأي في 17 مارس، أي بعد وقت قصير من إغلاق مراكز الانتخابات الإسرائيلية، أدلى نتنياهو بتغريدة يعلن فيها انتصاره. ومن ناحية أخرى تعهد منافسه الأساسي اسحق هرتسوج، رئيس لائحة الاتحاد الصهيوني ونجل أحد مشاهير الرؤساء الإسرائيليين، بقبول تشكيل حكومة جديدة على أن تكون برئاسته، وليست برئاسة بيبي. ولكن، ماذا بعد فوز بيبي بأي ثمن كان لتحقيق هذا النصر؟ لقد خسر نتنياهو الكثير من الدعم الدولي في حملته اليائسة للبقاء في السُلطة. ففي واشنطن، تسبب نتنياهو شخصياً في انشقاق الحزبين الجمهوري والديموقراطي في تأييدهما لاستعادة وتوسيع العقوبات ضد إيران. وبتحديه للرئيس أوباما بمخاطبة جلسة مشتركة للكونجرس بغرض منع أوباما من التوصل لاتفاق مع إيران لإيقاف إنتاجها النووي، يكون نتنياهو قد فقد ميزة الوصول إلى الاستخبارات الأميركية بشأن المفاوضات مع إيران وربما أدى ذلك إلى انهيار علاقة المخابرات بإسرائيل. قارن محلل إسرائيلي العداء المستحكم بين أوباما و نتنياهو بذلك العداء الذي حدث عندما تم القبض على الجاسوس الإسرائيلي جوناثان جاي بولارد الذي كان يحاول الهرب بواسطة السفارة الإسرائيلية في واشنطن. ووفقاً لمصادر استخباراتية في واشنطن، فإن بيبي يعتقد أن هناك خطة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) لإزاحته عن السلطة. كما اتهم دولاً اسكندنافية بمحاولة إسقاط حكومته من خلال مساعدة حزب المعارضة. ولكن الأهم من ذلك كله، أن نتنياهو كشف نفسه أمام العالم بالقول صراحة إنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية. وبالإضافة إلى استعداء الولايات المتحدة والأمم المتحدة واليهود الأميركيين المناصرين لإسرائيل، والعالم العربي -وفقا لمحللين إسرائيليين- كانت آخر لحظات نتنياهو العنصرية، خطبة ضد الفلسطينيين قبل الانتخابات، أدت إلى تكتل الأحزاب السياسية العربية الفلسطينية في قائمة مشتركة تُعد ثالث أكبر حزب في إسرائيل، بحصوله على 14 مقعداً في الكنيست، مما يجعله كتلة قوية من المتوقع أن تكون ناجحة بطريقة غير متوقعة. ولكن، حتى مع إعادة انتخاب نتنياهو فإن حكومته ستكون خليطاً من الأحزاب السياسية المتنافرة التي تتعرض لضغوط دولية. ويتساءل كثيرون عن "من هو الشخص المناسب" في إسرائيل و"مع من سيقفون؟" هنا بعض من الأجوبة: هناك حاجة إلى أغلبية بسيطة تتكون من 61 مقعداً من أصل 120 مقعداً لتشكيل الحكومة، ويميل المشهد السياسي تجاه أحزاب الفصل العنصري التي تعمل على توسيع المستوطنات وقمع الفلسطينيين. ويُعد نتنياهو من الليكود، ونفتالي بينيت من البيت اليهودي، وإفيجدور ليبرمان من إسرائيل بيتنا، النواة الأساسية للحكومة الجديدة. والاحتمال الأرجح هو أن هذا العنصر الثلاثي الذي يمارس سياسات البلطجة العنصرية والفاشية أن يحصل على دعم الأحزاب الدينية التي تريد أن تكون إسرائيل تحت حُكم القوانين والقواعد الدينية. وتُمثل هذه الأحزاب الدينية: شاس وهو حزب ديني متشدد لليهود الشرق أوسطيين؛ وحزب يهدوت هتوراة (حزب يهودية التوراة)، وهو حزب ديني متشدد لليهود الأوروبيين؛ وحزب كلنا معاً، الذي تأسس العام الماضي من قبل الرئيس السابق لحزب شاس، إيلي يشاي، وهو حزب مؤيد للمستوطنات ويرفض إقامة الدولة فلسطينية، كما يرفض التخلي عن أي مستوطنات في الأراضي الفلسطينية. فإذا انضمت هذه الأحزاب الثلاثة إلى الليكود، والبيت اليهودي، وإسرائيل بيتنا، لتكوين الحكومة اليمينية، فإن مطالب نتنياهو يمكن أن تأتي إلى حيز الوجود. وستكون حكومة حرب قد تشدد الخناق لقمع الفلسطينيين وأكثر من ذلك. وبالنسبة للمعسكر الصهيوني الذي نال 24 صوتاً، فهو في حد ذاته الحزب الذي تألف من أطراف حزب العمل، وحزب كاديما، وحزب هاتنوا الوسطي قصير الأجل بزعامة تسيبي ليفني. وأن تكوين المعسكر الصهيوني للحكومة سيكون ممكناً، إذا انضمت إليه كل الأحزاب التي تدعي أنها منفتحة لحل الدولتين، وهي: حزب يش عتيد (هناك مستقبل)، برئاسة المذيع السابق يئير لبيد؛ وحزب كولانو (كلنا) وهو حزب حديث انشق من حزب الليكود، برئاسة واحد من أكبر منافسي نتنياهو؛ وحزب ميرتس اليساري التقدمي التقليدي الذي حصل على أربعة مقاعد. ومن تلك الصورة برز حزب واحد مهم وهو "القائمة العربية المشتركة" الذي تشكل حديثاً من الأحزاب العربية داخل حدود عام 1967، وهو الذي نال 65٪ من أصوات الفلسطينيين والحصول على 14 مقعداً. ويقول قادة القائمة المشتركة، على الدوام، إنهم لن ينضموا لحكومة إسرائيلية تكون مؤشراتها دعم السياسات التي تقتل وتضطهد الشعب الفلسطيني كل يوم. على مدى عقود، يخشى القادة الإسرائيليون "القنبلة الديموجرافية"، التي تتمثل في ازدياد قوة عدد الفلسطينيين. وإذا ما أعطيت لهم حقوق متساوية في التصويت، والملكية الخاصة والسفر، فإن ذلك سيؤدي إلى كسوف فكرة "الدولة اليهودية" في فلسطين. وبهذه النتيجة القوية التي حققتها القائمة العربية المشتركة، تكون قد حصلت على سلطة جديدة لمحاربة دولة الفصل العنصري بغض النظر عمَّن هو رئيس حكومتها.