في خطابه السنوي بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله رفضه القاطع لأن "يُستغل الدين لباساً يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة"، كما شدد على أن "الإسلام هو دين المحبة والصفح والتسامح، ورسالة للبناء والسلام، ومنهج للحوار لا للانطواء والانهزام، وإسهام فاعل وفق شراكة تقوم على مبادئ التكافؤ لتعزيز معاني الحضارة الإنسانية العليا ومجتمع المبادئ الإنسانية وفق قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)". ذلك بعض ما جاء في خطابه الوافي، المُضمَّن كثيراً من معاني الحكمة والرؤية السديدة، والسؤال الذي تجب الإجابة عليه هو: هل استطعنا كمُجتمع مثقف وكدعاة أن نعكس في كثير من خطاباتنا وكتاباتنا ذلك المنهج الوسطي الذي تبنّاه خادم الحرمين الشريفين ودعا له في كثير من كلماته، بل وعمل على تجسيده في عديد من مشاريعه المحلية والدولية؟! لقد حملت المملكة على عاتقها مهمة تبني منهج الحوار بين المذاهب الإسلامية، ودعت إلى تكريس مبادئ الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان السماوية، وحتماً فلن يتأتى ذلك إلا إذا كان ديدنها التسامح والمحبة والإيمان الكلي بالحرية الدينية انطلاقاً من قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)، وهو ما أكده خادم الحرمين في خطابه الآنف، لكن وبالرغم من ذلك إلا أن بعض خطابات مثقفينا ودعاتنا لا يزال قاصراً عن تبني تلك الرؤيا العالمية، حيث لا يزال البعض مسكوناً بخطاب مشحون بالكراهية إزاء الآخر المخالف له مذهباً أو ديناً، والأخطر أن يعمل بعض أولئك على التستر بلباس الدين بهدف تحقيق مآرب خاصة، وهو ما يشي بوجود بون شاسع بين ما يتم رسمه في السياسات العليا، وما يتم تنفيذه على أرض الواقع، وذلك لعمري هو ما يريده المتطرفون والعابثون بحسب وصف قائد البلاد لهم. وبنظرة سريعة لما تم تداوله في بعض الساحات ومن قبل بعض المثقفين المنتمين لهم إزاء تطور الأحداث السياسية في بعض بلدان الربيع العربي، ليؤكد كثيراً مما سلف، حيث عمل أولئك على تحويل الخلاف السياسي في مصر بين جماعة الإخوان المسلمين وباقي الأحزاب الأخرى، إلى صراع ديني بين الحق الذي هو مع الإخوان ومناصريهم، والباطل الذي تتبناه بقية الأحزاب المخالفة؛ كما وفي الوقت الذي تبنى بلدنا منهج الحوار بين المذاهب الإسلامية والثقافات والأديان السماوية، نجد البعض على الأرض يقطعون كل سبيل إلى ذلك بخطابهم المتشدد. وذلك هو قمة التدليس باسم الدين الذي حذّر منه مليكنا، وناشدنا بالابتعاد عنه. وإنا معاشر المثقفين المتجردين معه على ذلك قلبا وقالبا. zash113@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (51) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain