من الخطأ معالجة الخطأ بخطأ آخر، ولكن بما أن التخطيط لم يخلق فرصا وظيفية للنساء، فلا بأس بالتفكير استثنائياً في عمل برنامج «تقاعد مبكّر» ولكن بذكاء ودون تحميل الدولة عبئا ماليا نتيجة لذلك، بينما نستعيد القوام ونعمل خططاً بعيدة المدى ذات جدوى. نحتاج إلى حلول من خارج الصندوق، فالبطالة النسائية بالمملكة هي الأسوأ عالميًا حسب تقرير البنك الدولي حيث وصلت إلى 33.2 في المائة، وهي النسبة المعتمدة رسميًا أيضاً في تقارير وزارة العمل ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات المحليتين. ومع أننا نعلن فقط عن انخفاض نسبة البطالة النسائية، إلا أن عدد الإناث العاطلات في المملكة ارتفع بمقدار 36 ألف امرأة أي بنسبة 10 في المائة خلال عام واحد. ويجب أن نذكر أن نسبة البطالة المعتمدة لا تعكس البطالة الحقيقية، فهناك مؤهلات لم يتم اعتمادهن حتى ضمن البطالة، وتم تصنيفهن خارج سوق العمل، فلو كان هناك تصنيف حقيقي فالمملكة بها أكثر من 3 ملايين سيدة مصنفات ك»خارج سوق العمل بأعمال منزلية». يوجد بالمملكة 17 ألف معلمة أعمارهن بين 51 و 60 سنة (فئة أولى)، ويوجد 92 ألف معلمة أعمارهن بين 41 سنة و50 سنة منهن من أكمل 25 سنة (فئة ثانية)، ومنهن من أكمل أكثر من 20 سنة في الخدمة في التعليم (فئة ثالثة). ويمكن عمل برامج مختلفة لتلك الثلاث فئات تتمحور في إحالة معلمات قديمات ذات رواتب عالية واستبدالهن بخريجات لم يعملن من قبل برواتب قد تصل إلى أقل من النصف. فإذا افترضنا أن نعمل إحلال 20% للمعلمات من الشرائح الثلاث فهذا سيوجد توظيفا جديدا لـ 22 ألف معلمة بحد أدنى. طبعاً هذه البرامج يجب أن تتضمن محفزات زيادة الخدمة و/أو محفزات مالية تضاف إلى مكافأة نهاية الخدمة. فبالنسبة للفئة الأولى فرفع زيادة سنوات الخدمة مثلا بخمس سنوات كفيلة بإرضاء شريحة كبيرة منهن وخروجهن إلى التقاعد المبكر. أما الشريحة الثانية فيندرج تحتها أكثر من برنامج يتضمن خليطا من رفع سنوات الخدمة و/أو زيادة مكافأة نهاية الخدمة، وهكذا بالنسبة للشريحة الثالثة، بشرط أن تكون المحفزات مجزية وألا تكون برامج مبالغ فيها. ولا ننسى أن كثيراً منهن عملن معلمات في البدايات على بند 105 أو ما يوازيه ولم تحسب تلك الخدمة أساساً. وسبق أن كان هناك عدة برامج مشابهة محفزة ناجحة لأرامكو والاتصالات السعودية والخطوط السعودية وغيرهم، ويمكن الاستعانة بالآليات والمنهجيات التي استخدمت لتلك البرامج. هناك عوامل أخرى تحفز لإحلال المعلمات القديمات بمن لم يسبق لهن العمل، منها تجديد الدماء والحماس والبحث عن إثبات الوجود ومواكبة التكنولوجيا وتطوير التعليم). إضافة برامج التقاعد المبكر، هناك برامج أخرى سبق وأن ذكرتها في مقالات أخرى منها برامج أمومة وتوسعة برامج إجازة الولادة ومنح برامج إجازة رضاعة سنة أو اثنتان بدون مرتب أو بنسبة بسيطة من الراتب كتحفيز، وأيضاً برامج نصف دوام بنصف الراتب، وجميع هذه البرامج ستساعد في إيجاد فرص وظيفية أكثر للبديلات. لا شك أن الخطط بعيدة المدى الأخرى ضرورية لبناء منظومة عمل تناسب المرأة وتكون بمستوى يرتقي لتطوير التنمية داخل وخارج الوظائف التعليمية.