×
محافظة المنطقة الشرقية

تعازينا للزميل البراهيم

صورة الخبر

تكتب الرواية والقصة، تتنقل من المقالة إلى الشأن الاجتماعي والثقافي، وتجد نفسها كاتبة ملتزمة بقضايا محيطة مختلفة، وتتنوع كتاباتها في ذلك. تقول، دفاعاً عن الرواية العربية: «إن روحها أزهقت» بما سمي بالربيع العربي، وصارت الأعمال الحديثة تتخذ وشاحاً مختلفاً عن الإبداع.. «الحياة» التقت صاحبة «مذكرات مغتربة»، فإلى نص الحوار.. > كيف بدأتِ الكتابة قبل سنوات.. ولك 18 سنة فقط؟ ما الذي صقل الموهبة عند خولة؟ - يوم كنت طفلة أخربش على الصفحة البيضاء بأحرف مشتعلة جيّاشة العاطفة، ترشح رهبة ورقة، استشعرت معلمة اللغة العربية بوادر موهبة، فاستوقدت قلمي الخجول نوراً أضاء لي الدرب. والتي صقلت موهبتي هي القراءة المستفيضة في شتى المعارف والأدب، إذ لا يمكن لأي كاتب أن ينهض بقلمه ويتطوّر ما لم يقرأ ويثرِ تجربته وثقافته، ناهيكِ عن الحياة ذاتها، فهي محطات تزود الإنسان برصيد معرفي متنوع. > بعد كل هذا المشوار من التجريب بصفتك فتاة إلى سيدة قارعت كثيراً من التجارب... إلى ماذا تحتاج الرواية العربية؟ - تحتاج الرواية العربية إلى المنهجية الصحيحة لتوظف هذا الفن في معالجة قضايا الأمة وتنويرها، فهناك تخبط وتغريب لواقعنا، وغياب حقيقي لهويتنا الإسلامية، فكلما استنطق الأدب نبض الشارع معبراً عن ذات المتلقي كان له المرآة الصادقة، نحتاج إلى الأصالة واستنهاض قيم الدين والأخلاق التي تحيي أي مجتمع حضاري، وإلا استغرقنا التقليد السقيم للرواية الغربية. > كيف ترين الروايات في المشهد الثقافي حالياً؟ - الروايات الحالية متلفعة بعباءة غربية، وقد تحولت عند البعض إلى وسيلة ارتزاق تضطر الكاتب إلى التنازل عن كثير من مبادئه وقناعاته لأجل أن يطبطب على المتلقي المطحون بفعل الإحباطات السياسية التي تمر بها الشعوب، فغدت المخدر العاطفي الذي يُنسي المواطن العربي همّه وجراحه. إن طوفان الربيع العربي والفوضى التي شلت الحركة الثقافة طاولت الرواية العربية، فزهقت روحها وتركتها جثة بلا حراك. > واشتغالك على الشأن الاجتماعي لا يتوقف.. هل من الممكن أن يتحول أحد أعمالك إلى أعمال تلفزيونية أو سينمائية؟ - لا أعتقد أن قصصي ورواياتي تنسجم مع بيئة الفن العربي الذي انحدر بذائقة المتلقي إلى أدنى مستوى، وهل يحرص الإعلام العربي المسيّس على عرض مسلسل ذي أهداف رسالية وقيميّة؟ أشك في ذلك! > تواجه الرواية في الخليج اتهامات؛ بأنها تتعمد الإثارة وتسطيح قضايا المجتمع، فما مدى صحة ذلك؟ - في الحقيقة ليست الرواية فحسب ما امتدت إليه يد التمييع والتشويه، وإنما المنظومة الثقافية برمّتها، فنحن ندرك تماماً أن الانعكاسات السياسية والفوضى التي تعيشها المجتمعات أثرت في كل جزء وناحية في حياتنا، فالجمعيات الثقافية مسيَّسة لخدمة الأنظمة والتماهي مع شعاراتها وأهدافها، وبالتالي هناك تشجيع وتمويل لهذه النوعية الرديئة من الروايات التي تخوض في ثوابت الدين أحياناً، وأحياناً أخرى تغرق المتلقي في بحر الغرائز. واللافت هنا ظهور دور نشر تشبه الدكاكين، تُسلَّع هذه الروايات وتروجها بين الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصادفتني بعض الروايات في معرض الكتاب حينما تصفحتها وجدتها رديئة النص، هزيلة التراكيب، سفيهة المعنى، هشة المبنى، تسطَّح العقل وتغيّب الوعي. ولا أعدم أنْ في الذاكرة تتوهج أقلام تسطع بأضوائهم الخائلة... لهم بصمة في الأدب الجاد والرواية الهادفة، فهم من يمكثون في قلوب الناس ذكراً خالداً، وأما هؤلاء فهم الزبد الذي يذهب جفاءً، فهذه سنّة الله في خلقه، لن يطمسوا الحقيقة التي يبحث عنها الناس بالفطرة. > ما علاقة النقد برواياتك؟ - حركة النقد أحياناً تسير باتجاه إيجابي، وأحياناً أخرى بشكل سلبي، والنقد في مجتمعنا العربي يتعامل مع النص الأدبي بمزاجيّة لا موضوعية، وأعتقد أن رواياتي كانت لها حظوة لأن تكون موضع تقويم جاد ورصين من بعض النقاد الذين أنصفوا «النص الرسالي» باعتباره المكوّن الرئيس لفكر الإنسان ونهجه، والوقود الحقيقي لحراك أي مجتمع، ولأنه يتماهى مع معتقدات الأمة وعرفها.. فالقراءة النقدية هنا تبنت المعايير الرسالية التي تجعل من الرواية وسيلة لنهضة أمّة، ولوناً فنياً يشكل وعيها، وعلى العكس هناك من استقرأ رواياتي بعقلية علمانية تفصل الدين عن الحياة وعن كل فنون الجمال والطبيعة، فلم ترَ إلا بهذه العين المجردة، وتوقفت عن الاستطراق إلى أعماق المفاهيم المطروحة، وبخستني حقي في النقد. > ما هي نظرة الكتَّاب العرب إلى ما يكتبه الخليجيون؟ - أعتقد أن الملتقيات العربية الثقافية تعمل على ربط التجربة الخليجية بالتجربة العربية، فمازالت هناك خصوصية وصبغة للنص الخليجي، فقد يختلف عن نص كاتب عربي من مصر أو الشام، والكاتب يعكس واقعه بكل ظروفه السياسية والاجتماعية، فمجتمعنا الخليجي محكوم بخاصيّة البيئة المحافظة التي لا تخرج عن حدود الشرع أو العرف إلا ما ندر. وقد يجد الكاتب العربي أن النص الخليجي يحمل شيئاً من الترف الفكري ولم يتهيأ بعد للعالمية، كما حدث لروايات عربية أخرى... وربما الضغوط السياسية وحجم الأحداث الكارثية التي يعيشها المثقف العربي في بقية الدول أعطت النص قوة وطاقة حرارية وجودة لم تتوافر في النص الخليجي. > ما مكون أو منطلق أعمالك؟ - مثلاً رواية «مذكرات مغتربة» أول رواية كتبتها عندما كنت في الـ18 من عمري قبيل دخولي الجامعة، وهي تتحدث عن ثلاث فتيات مسلمات يدرسن في الولايات المتحدة الأميركية، والتحديات الأخلاقية والاجتماعية والنفسية والعقائدية التي يواجهنها، و«مطلقة من واقع الحياة» قصة حقيقية لامرأة مطلقة عرفتها عن قرب وعايشت حالها النفسية بتناقضاتها وتقلباتها، وكيف أن الطلاق أحياناً يكون لأسباب لا يمكن ملاحظتها في الظاهر له علاقة بنفسية خاصة في المرأة، وتجربة هذه المطلقة بعد طلاقها ومحاولتها بناء شخصيتها من جديد والاستفادة من حال الحرمان، ومن ثَمَّ عودتها إلى الزوج بشخصية جديدة، أما «سيدات وآنسات» فهي قصه اجتماعية تتناول حياة فتاة متدينة في عائلة ذات فكر علماني، الفتاة في أجواء منفتحة لا تلتزم بقواعد الدين، والقصة تضم أيضاً كثيراً من القضايا الاجتماعية على هامش الفكرة الأساسية الأولى، وهذه القصة تحولت إلى مسرحية، وكذلك «عندما يفكر الرجل» تتناول قصة حياة مجاهد عرفته شخصياً، ومعاناته طوال مسيرته سواء على المستوى النفسي أم الاجتماعي أم السياسي أم العقائدي.