أبدأ من حيث انتهى سمو رئيس الهيئة العليا للسياحة حين ذكر قبل أيام معدودة أننا في السعودية لن نسمح بأن تكون بيئة العمل المحلية، بيئة رحبة للعمالة الوافدة في السوق السعودية المطردة بشكل كبير الى ما لا نهاية. ولعلي أتفق مع سموه في هذا المنحى بشكل متطابق، ولكن أهمس فأقول: دعنا نفكر بصوت مرتفع لنقترح ونصوب للوصول للهدف السامي الذي يسعى له كل محب لوطنه وترابه ومقدراته وثقافته وأمنه واستقراره، ألا وهو تحقيق نسب معقولة من توظيف السعوديين في الاقتصاد المحلي تتناغم مع جودة العمل وتحسين بيئته الزمانية والمكانية والمعيشية. ولنبدأ بمقترح بسيط نحصر فيه احتياجات المناطق والمحافظات والهجر والقرى من المهن الحرة التي يحتاجها أهل تلك البقع الجغرافية، بحيث نحدد ما الشواغر الوظيفية التي يذهب لها الوافد ويعمل فيها بأريحية تنمو بالساعة، ولنقل مثلا المطاعم والجوالات والحلاقة وتجزئة المواد التموينية والكهربائية، وكم يحتاج أهل الحي من تلك المهن وفقا لنسب عدد السكان المحليين مع المساحة الجغرافية، بحيث تكون هنالك معادلة ثابتة نوازن فيها طلب المجتمع السعودي للمحلات التجارية والخدمية مع العرض المتوفر حاليا ومستقبلا، بمعنى آخر هل عدد المطاعم والحلاقة ومغاسل الملابس والسيارات وغيرها بأحياء الدمام أو جدة والرياض وبكل تسمياتها هي الحاجة الفعلية الحقيقية، أم إن تلك المعادلة أكبر وأعلى من الحدود المعقولة بحيث إن الحي تحول بكافة مساحاته لسوق كبيرة، بل إن البلد كلها بشوارعها المختلفة في بعض الأحيان غدت ملاذا آمنا لكل مجموعة بشرية متجانسة، أن تستوطن في البلد وتتملك الورش وبيع الأسماك واللحوم والتموينات والنقل. وبشكل مختصر غدا الوطن أينما ذهبت ملاذا آمنا لمهن مستنسخة وأحيانا بغيضة، ففي الشارع الواحد ست صيدليات وست محطات بنزين وألف مطعم، والشاب السعودي يضرب أعشارا على أصفار لم يجد المهنة الحكومية، في حين أن اللوبي يحاصره في قعر داره يضيقون عليه الخناق الى أن يخرج منه بأكبر الخسائر. فهل يمكن التفكير جديا في تلك المعادلة بالتنسيق مع الاقتصاديين ومخططي النمو السكني والجغرافي، بحيث نخرج بعد فترة وجيزة من إطار التنظير لمساحة التنفيذ، ولنبدأ بقطاعات تكون هي المبادرة الى ذلك في التعليم الاهلي والصحي والتجاري كمراحل متتابعة. ومن يقل: إن الامر مستحيل ولا يمكن، فهؤلاء لا يريدون العمل أو إن لهم مصالح مباشرة أو غير مباشرة في استمرار استنزاف مقدرات الوطن الى ما لا نهاية. اننا نحتاج لمؤسسة وطنية تتبنى تحقيق السعودة الحقيقية غير الوهمية وضم مؤسسات حكومية أخرى، لعلها تساعد على نحو الشؤون البلدية والتعليمية والتجارية والصناعية تكون هي من يطرق الباب ولا نقول تدق الجرس، فقد تعبنا سنوات طوالا من لفت الأنظار، وقد حان الوقت أخيرا لتصحيح وضع أحيائنا السكنية ليغلب عليها الخضرة والجمال والتنسيق والبنية التحتية السليمة، ولنقلل من المحلات وأعدادها وتكرارها بحيث يكون ما يحتاج له الناس حقيقة وفق عدد السكان لكل تصنيف مهني لا أكثر. ..قبل الختام.. لعل إغلاق البعثات للجامعات العربية مؤخرا من وزارة التعليم يقودنا للتأني في مخرجاتها التي تعمل لدينا حاليا في كافة التخصصات الطبية والتعليمية والهندسية والتصميمات، بمعنى آخر هل وجود الوافدين والوافدات العرب غير ملائم مهنيا؟، أم إن الامر محصور على السعوديين الذين يرغبون في الدراسة في الأُردن ومصر وتونس والسودان وغيرها. وفي الختام،، الوطن جميل ومشرق بسواعد أبنائه الطموحين والفاعلين وبأفكارهم وطموحاتهم يبنون حلم المستقبل. أستاذ مشارك بمناهج الدمام