لمن يريد أن يعرف الكويت فنيا، عليه أن يعرف عبدالرسول سلمان، حيث في خبايا كل لوحة ثمة حكاية كويتية تستمد عبقها من دروب وأزقة جبلة وشرق والمرقاب، هنا تفاصيل لا تدونها القواميس وتغفل عنها الصورة الفوتوغرافية، فكانت لوحات أشبه بخارطة طريق لوطن مليء بالحب والجمال، بحث عمن يقدمه للعالم فكان عبدالرسول سلمان. المطلع على لوحات وأعمال الفنان المميز، يرى فيها الكثير من التفاصيل التي تستحق المزيد من التمعن، حيث الارتباط بالمكان والشخوص بجاذبية محببة، فلا عجب ففناننا عُرف عنه التمسك بجذوره الموغلة في عمق التراث الكويتي، ولا تسل عن النغم الذي ينساب ويشنّف أسماعنا كحلقة وصل مع أعماله الفنية. عبدالرسول له لغة خاصة في استخدام الألوان وتطويعها لتكوين فلسفة مبسطة تستوعبها أذهان الجمهور على اختلاف مشاربهم، ولكن بلا شطط ولا مبالغة، فإن شئت فهو فارس التقليدية والمدرسة المحافظة على التراث، وإن شئت أيضا فهو من عرابي التجديد والحداثة، إنها مسألة تفاصيل لا يجيد التحرك خلالها إلا قلة ومنهم بالطبع عبدالرسول سلمان.في الكويت، هو أيقونة الفن التشكيلي بل هو أيقونة فن لبلد علمنا الكثير وشغفنا حبا بإبداعات مستنيريه، ويتحدث هو نفسه قائلا: (الحرية في الفن هي الالتزام الحر الذي يقبل الجوانب الشخصية بصياغتها مرتبطة بما هو موضوعي والاهتمام الأكثر بما هو إنساني)، إذن فهناك رؤية تشكل كل ما رأينا من أعمال فنية، وهو أمر مهم فلا بد من فكر يدعمه خيال وأفق ومدارك متسعة قبل الشروع في عمل فني، وهو الذي نراه في كل سير الفنانين الكبار. لا يتعامل مع اللوحة على أنها قطعة قماش أو خشب، بل يراها مدونة تحتوي ما يريد إيصاله، وتجربة إنسانية جمالية، تنطلق من تأثره إيجابا بما يدور حوله من أحداث، فيترجم كل ذلك بريشة تجيد إيجاد إجابات للأسئلة التي تزدحم في عقله ووجدانه، وتثمر إبداعا يأتي بالسليقة المتفقة مع الخبرات المتراكمة، دون إغفال أي زاوية تستحق أن تأخذ نصيبها من الجمال الذي يقدمه في كل مرة. وعلى مدى أربعة عقود من الخبرة والتمرس في دروب ومدارس الفن التشكيلي، تبلورت التجربة فلا تمسك بأي آراء لا تؤتي أكلها في الفن، لأنه يرى التعددية شيئا مهما، كما أن لا داعي لدراسة كل مدرسة بشكل مكرر، لأنه سبب للعقم الإبداعي، فالتعددية هنا تفتح أبواب الإبداع على مصراعيه، وفهم كل المدارس الفنية بشكل ومنظور مختلف وعصري. ببساطة وبعد ذلك كله، نجد حريا بنا التوقف هنا والتعامل بأسلوب جديد في كل مرة نتعامل فيها مع أعمال عبدالرسول سلمان، فنترك له الإبداع وسبر أغواره ونكتفي بالاحتفال بكل عمل جديد يزفه إلينا. يُذكر ان الفنان عبدالرسول سلمان، يرأس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ورئيس اتحاد التشكيليين العرب، يحمل العديد من العضويات في الفن التشكيلي في العديد من الجمعيات والنقابات الدولية حول العالم، قدم أكثر من 15 معرضا شخصيا، والعشرات من المعارض الجماعية، له 13 إصدارا فنيا، مثّل الكويت في لجان تحكيم عالمية وعربية وخليجية، ومؤتمرات فنية حول العالم، حاصل على العديد من الجوائز والميداليات الذهبية داخل وخارج الكويت.