التراحم والتواد والتعاطف صلات قويمة وسامية، تربط أفراد المجتمعات وأسرها برباط متين من التكافل والتكاتف، لتُقوّيها وتزيد من لُحمتها. ولكن شكل العلاقات والتعاملات بين كثير من الناس في مجتمعنا، بكل تفاصيلها وطوارئها وعلَّاتها واعتلالاتها بات مثقلًا بالاختلالات المنحرفة والموجعة!!. وكأننا نعيش داخل دوائر ضيّقة من انفصامات الحياة، مجرّد كومة من الخلق يربط كل منَّا والآخر؛ روابط الصراع والنزاعات.. والبقاء للأقوى. من يسرق أحلام من!؟، ومن يستعمر حياة من!؟ ومن يستولي على حقوق من!؟ ومن يسيطر على كل شيء، ومن كل شيء، ولأي شيء رغم كل شيء!!؟ والكل يحاول أن يكون سيّد الموقف على ما عداه، فإما هو أو لا أحد غيره في تلك البقعة من تلك الدائرة الضيقة!!. هي حرب إذًا!! أوصلنا إليها ذلك العته من السلوك المُفَكِكْ، وتلك المحاور المنحرفة في دوائر الحياة، والتي فتحت الأبواب على مصراعيها، حتى قاد كل منها الآخر، وقلب موازين الصلات والعلاقات السوية رأسًا على عقب، وجرّدت الحقائق والحقوق من نواميسها. ظهر علينا البعض معللاً ومفسرًا، من أولئك الذين غلبت على سلوكهم انحرافًا في العلاقات، أن الرحمة والتعاطف ضعفًا، وأن التواد استغلالاً، متجاهلاً أو متعاميًا عن حديث المصطفى محمد بن عبدالله -عليه الصلاة والسلام-: (ليس منّا مَن لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينهِ عن المنكر). الحقيقة الماثلة أمامنا، أن هذا هو الحال والمآل تحت مظلة كل تلك الملامح المستفزة في سلوك بعض أفراد مجتمعنا. أضحى العقوق عادةً. والخيانة طبعًا. والعيب مباحًا. والتخوين وسوء الظن حيطةً وحذرًا. وأصحاب المبادئ غلاة. والصحيح خطأً والخطأ صحيحًا. والواحد زائدًا الواحد يساوي صفرًا. ولكن على حافة دوائر الحياة تلك؛ ثمة بينهم البعض من الأسوياء الذين يفتِّشون وينبشون عن محورٍ مفقود في ذلك السلوك.. المحور الذي لا يقبل اعتداله الاحتمالات، ولا التغير أو التحول والتبدُّل، أو التفسير والتأويل، والذي يضع الحق والحقوق في العلاقات والتعاملات بين هذا وذاك، كبيرنا وصغيرنا، في نصابها الحقيقي، وكما هي عليه دون ميل أو انحراف. Ksa.watan@yahoo.com