في خطوة مفاجئة، أعلن وزير التربية والتعليم المصري محب الرافعي حذف درس عن القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي للصف الخامس الابتدائي، وستة فصول من درس القائد المسلم عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي من مادة اللغة العربية بدعوى أنهما "يحثان على العنف والتطرف". وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن القرار جاء بناء على توصية من اللجنة المشكلة من مركز تطوير المناهج، والمكلفة بإجراء جميع المراجعات لكتب اللغة العربية من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي بهدف تنقيحها من الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيئ. ولم يقتصر الحذف على اللغة العربية، حيث تم تعديل صياغة الفقرة الأخيرة بالصفحة رقم 54 من كتاب الدراسات الاجتماعية للصف الثاني الإعدادي، ونصها "توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يهود بني قريظة وحاصرهم، فحكم فيهم سعد بن معاذ بأن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وتقسم أموالهم، فنفذ الرسول صلى الله عليه وسلم حكم سعد رضي الله عنه فيهم، وبذلك تخلص الرسول من الطائفة الثالثة لليهود بالمدينة بسبب غدرهم وخيانتهم". لتصبح الفقرة بعد التعديل الجديد "تخلص الرسول صلى الله عليه وسلم من يهود بني قريظة بعد أن حكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وذلك بسبب غدرهم وخيانتهم". قائمة بالدروس المحذوفة من المناهج التعليمية في مصر (الجزيرة) قرار صادم وقد أكد كبير مستشاري اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم أحمد السعيد شلبي أن حذف بعض المواد من مناهج اللغة العربيةهدفه تنقيح المناهج لمصلحة الطلاب. وأضاف شلبي في تصريحات صحفية أن هناك بعض الدروس التي رأت الوزارة أنها تحث على التطرف والعنف ولا تتناسب مع المرحلة العمرية التي تدرس المنهج فقررت حذفها، بالإضافة إلى مواد مكررة وغير مفيدة تم حذفها تخفيفًا على الطلاب. وقد أثار القرار حالة من الغضب والصدمة لدى أولياء الأمور، فقد أكد عمرو عبد الحافظ (ولي أمر ومدرس لغة عربية) أن "هذا القرار يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن مفهوم الإرهاب عند السلطة الحالية ليس جماعة الإخوان أو حتى من يعارض النظام، بل هو الإسلام نفسه". وأضاف عبد الحافظ للجزيرة نت "لقد تربت أجيال المسلمين قرونا على توقير صلاح الدين وعقبة بن نافع باعتبارهما من رموز الجهاد لنشر الدين وصد العدوان، ولم يعتبرهم أحد من رموز العنف، حتى جاء السيسي وانقلابه المدعوم من الحلف الصهيوأميركي ليتطابق الطرفان في الرأي القائل بأن الإسلام إرهاب". بدورها قالت إسراء حامد "إذا كانت التربية والتعليم ستحذف قصة صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع لمحاربة التطرف، فعلى كل أم أن تدرس لأبنائها في المنزل قصة البطلين حتى تظل الرموز الإسلامية حاضرة في عقول وقلوب الأطفال رغما عن الحكومة". وأضافت إسراء في حديث للجزيرة نت أنه"ليس غريبا على نظام يعلن صراحة حرصه على أمن وسلامة إسرائيل في الوقت الذي يقتل فيه شعبه ويحاصر غزة، أن يضع صلاح الدين وعقبة بن نافع على قوائم الإرهاب". الدماطي: مبرراتالوزارة تضععلامات استفهام حول الأسباب الحقيقية للحذف (الجزيرة نت) علامات استفهام من جانبه أكد عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية أحمد الدماطي أن اللغة العربية سياج الهُوية، ومناط العزة والكرامة، وهي الوعاء الحافظ لتراث الأمة، لذا ينبغي أن يكون الحرص شديدا على أن يكون محتوى مناهج اللغة العربية فاعلاً في بناء الشخصية العربية المسلمة، دافعا للاعتزاز بتاريخها ودينها، والفخر بأعلام الأمة الذين لهم دوي في سمع التاريخ. وأضاف الدماطيللجزيرة نت أن المبررات التي وضعتها الوزارة لحذف موضوع صلاح الدين الأيوبي من منهج الصف الخامس، وتجريفها قصة عقبة بن نافع بحذف ستة فصول منها، خاصة تلك التي تتعلق بعبقريته الحربية، تضع الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية للحذف. وتابع أن "الواضحأن أمر تنقيح مناهج اللغة العربية تعدّى مسألة التبسيط والتخفيف ومواجهة التطرف إلى التجريف، مما يُسهم في إصابة أبنائنا بأمراض الهشاشة الثقافية، ويُضْعِف قدرتهم على الصمود في مواجهة موجات التغريب". وحذر الدماطي من أن يكون هذا الحذف خطوة مرحلية تتبعها أخرى أشد خطورة، وهي تزييف الوعي والتاريخ بصورة تسعى لزعزعة الانتماء إلى هذه الأمة والاعتزاز بحضارتها وتاريخها.