كشف حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أمس أن الرئيس عمر البشير سيعلن قريباً وزارة جديدة، ودعا المعارضة إلى المشاركة في السلطة، مشيراً إلى استمرار الاتصالات مع المعارضة، مؤكداً أن أي محاولات لإسقاط الحكومة لن تحدث عبر التظاهرات والتمرد وإنما عبر وفاق وطني. وأكد مساعد الرئيس السوداني ونائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع في تصريح أمس أن الحوار مستمر مع كافة القوى السياسية للدخول في التشكيل الوزاري الجديد، بما فيها حزبا الأمة برئاسة الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، لكنه نفى علمه بخطوات الحوار الجارية مع الحزبين المعارضين. وذكرت تقارير أن التشكيل الوزاري الجديد سيشمل عدداً من الوزارات السيادية، ويتوقع أن يبقى وزراء حاليون في مواقعهم، ودخول عدد من الشباب إلى الوزارة، كما يرجح تقليص وزارات وإنشاء أخرى دمجت في المرحلة السابقة. وعلمت «الحياة» أن احتمال مشاركة حزبي المهدي والترابي باتت ضعيفة على رغم نصح دولة قريبة من الخرطوم بضرورة ضم الحزبين المعارضين إلى السلطة، إذ يشترط الحزبان تشكيل حكومة انتقالية عمرها عامين تضم القوى السياسية والمعارضة المسلحة برئاسة البشير بصلاحيات محددة والاتفاق على ثوابت وطنية ودستور دائم قبل إجراء انتخابات عامة في البلاد، وهو ما يتحفظ عنه نافذون في الحكم ويعتبرونه «تصفية سلسة» للنظام الحاكم. وفي السياق ذاته قال مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم إبراهيم غندور، خلال احتفال لأنصار الحزب في الخرطوم لمناسبة عيد الأضحى إن أي محاولات لإسقاط حكومته لن تتم إلا عبر خيارات وفاق وطني، أو المشاركة في الحكم، أو التوافق على مبادئ الوطن ووحدته والاحتكام إلى الشعب عبر صناديق الاقتراع. ولفت غندور إلى أن «إسقاط الحكومة لن يتم عبر التظاهرات أو التمرد». وأكد عدم نجاح أي محاولات لإسقاط الحكومة، ورأى أن إطاحة حكومته «عبر الحسابات الدنيوية غير وارد». ودعا القوى السياسية إلى وحدة الصف ومواجهة التحديات التي تمر بها البلاد. ودعا غندور الأصوات العالية داخل حزبه، التي تفكر في الخروج عن الصف أو تحدث نفسها بذلك، إلى أن تعي أن هياكل الحزب تتسع الجميع، وطالب أعضاء الحزب بتطهير النفس من الشك والريبة والتخوين. وأضاف: «كل ما يقال من انتقاد وغيره داخل الحزب أفضل من الكلمة التي تخرج خارج إطار الحزب، وعلينا أن نطهر نفوسنا من الشك والريبة والتخوين». وكان عشرات من قيادات وكوادر الحزب رفعوا مذكرة إلى البشير تنتقد القمع الذي واجهت به السلطات التظاهرات المناهضة لزيادة أسعار المحروقات، وإجراء إصلاحات في البلاد. لكن البشير شكل لجنة برئاسة رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر للتحقيق مع المطالبين بالإصلاح. إلى ذلك قالت الأمم المتحدة إن الحكومة السودانية أعلنت موافقتها على وقف الأعمال العسكرية من طرف واحد في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق فترة أسبوعين في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وذلك للسماح بتنفيذ حملات لتطعيم 147 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مناطق يسيطر عليها متمردو «الحركة الشعبية – الشمال». وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في السودان علي الزعتري أن الحكومة أبلغته بأنها ستعلن وقف الأعمال العدائية من طرفها من الأول من تشرين الثاني حتى الرابع عشر منه، معرباً عن أمله بإعلان متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» وقف العدائيات من جانبهم وإعطائهم الضوء الأخضر للشروع في حملات تطعيم الأطفال. لكن «الحركة الشعبية» قللت من إعلان الخرطوم وقف العدائيات من طرف واحد، وجددت موقفها المطالب بأن يكون هنالك اتفاق رسمي ومحادثات مباشرة مع الحكومة في شأن وقف العدائيات من الطرفين، وأن تجري محادثات في هذا الشأن برعاية الاتحاد الأفريقي. وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في «الحركة الشعبية- الشمال» نيرون فيليب إن إعلان الخرطوم لا يهم حركته، موضحاً أن وقف العدائيات من طرف واحد غير كاف، مشيراً إلى أنهم لا يثقون في الحكومة. وينتظر أن يزور المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان دونالد بوث الخرطوم منتصف تشرين الثاني المقبل لإجراء محادثات مع المسؤولين في شأن عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك والدور الأميركي في السودان خلال الفترة المقبلة. وأكد القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم جوزيف ستافورد اهتمام واشنطن بملفات النزاع بين الخرطوم وجوبا كالخلاف على منطقة ابيي ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والعلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطن وسبل تطويرها، لافتاً إلى أهمية لقاءات وزير الخارجية السوداني علي كرتي مع نظيره الأميركي جون كيري في نيويورك مؤخراً. وكان كرتي قال إن حكومته لن تتعاون مع المبعوث الأميركي الجديد في حال لم يطرح خريطة طريق لتطبيع العلاقات بين البلدين. من جهة أخرى قدم مجلس السلم والأمن الأفريقي بتوصية إلى مجلس الأمن تتعلق بضرورة فرض عقوبات ضد الحركات المتمردة التي رفضت الانضمام إلى عملية السلام في إقليم دارفور، وذكر المجلس إنه يعتزم اتخاذ إجراءات ضد الحركات التي تعرقل مساعي السلام في دارفور، وأعرب عن قلقه إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في دارفور ورضاه عن الخطوات التي تمت لتطبيق اتفاق الدوحة للسلام في دارفور، داعياً جميع الأطراف إلى مضاعفة جهودها لتحقيق السلام وتطلعات السكان المحليين. وأبدى المجلس قلقه مما تشهده دارفور من مواجهات قبلية وهجمات متكررة على قوات البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، داعياً الحكومة السودانية إلى القبض على الجناة الذين دبروا هذه الهجمات وتقديمهم للعدالة. وجدد المجلس عقب اجتماع عقد بأديس أبابا حول الوضع في دارفور، دعوته لهذه الحركات للانضمام لعملية السلام من دون إبطاء ومن دون شروط مسبقة، محذراً من أن عملية المفاوضات لن تظل مفتوحة إلى أجل غير مسمى.