فوجئ الجميع بإقرار وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى بأنه سيكون على الولايات المتحدة أن تتفاوض مع رئيس النظام السوري الأسد لإنهاء الحرب في سوريا. لقد سبق أن أسهمت الولايات المتحدة في إطار جهود دولية لإجراء محادثات سلام بين الأسد وقوى المعارضة للمرة الأولى مع بداية عام 2014م لكنها انهارت بعد جلستين من دون استئناف لهما، لأن الأسد لم يكن يريد التفاوض، فكيف يجري التفاوض اليوم ويقبل الأسد. إذا سلمنا بالقاعدة السياسية التي تقول (لن يربح على طاولة المفاوضات من هو خاسر على الأرض) فالأسد لن يقبل المفاوضات، ولن يتقبل الخروج من السلطة إلا إذا كانت المعارضة في حالة قوة تحقق الانتصار أو أن يرغم الأسد على الاستقالة. فليس هناك من ينكر بأن الأزمة السورية وهي تدخل عامها الخامس بأنها أصبحت كارثة إنسانية واستراتيجية كما قال الدبلوماسي المخضرم دينيس روسيس، فإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تضع حدا لهذه الكارثة فعليها وعلى الدول المعنية أن تدعم المعارضة المعتدلة بالمال والسلاح حتى تتمكن من إرغام الأسد على التفاوض لأن استجداء الأسد سيزيد من شراسته. إن الحرب على داعش دون إيقاف النزيف في سوريا سوف يعمل على تقوية المنظمة الإرهابية. إذن لابد من دعم المعارضة المعتدلة بالمال والسلاح لخوض حرب فرضها النظام على شعبه، فبشار لن يحارب داعش بل يعمل على تقويتها، لأنه يريد أن يصور للعالم بأن البديل الوحيد له هو الجماعات الإرهابية، فوجود الأسد يشكل عامل جذب للجهاديين من كل مكان، فقتال داعش مع استبقاء الأسد أمر يخالف العقل والمعقول. لقد بدأ الاقتناع يتسرب إلى واشنطن من أن إقامة منطقة عازلة في الشمال على الحدود التركية لاستيعاب اللاجئين وتنظيم المعارضة المعتدلة وبناء قدراتها هو المخرج المناسب إذا ضمن الأتراك الأمن فيها، ووافقت دول مجلس التعاون على تقديم الدعم اللازم للمعارضة. إن على الإيـرانيين والروس أن يدركوا أن أعباء بقاء الأسد ستزداد كلفة عليهم، وأن عليهم أن يدعموا الحكومة المؤقتة على بناء نفسها والانخراط في التوجه نحو السلام وإيقاف الحرب، صحيح أنه لا توجد خيارات حسنة لكنها توجد خيارات أقل سوءا وقد قال الفقهاء «يدفع الضرر الأكبر بالضرر الأقل»..