قال لـ «الاقتصادية» نبيل الكزبري الرئيس العربي لغرفة التجارة العربية - النمساوية في فيينا، إن اقتصادات الخليج، التي تعد الأفضل والأقوى في المنطقة، معقود عليها الأمل لريادة عملية التنمية في العالم العربي. وطالب بمحاصرة ظاهرة الإرهاب وسرعة القضاء عليها، حيث تعتبر سببا رئيسا لتعطيل الاستثمارات في عديد من دول الشرق الأوسط. وأكد الكزبري في حوار مع الصحيفة قناعته الشديدة بمعاودة أسعار النفط الارتفاع إلى مستويات مرضية خلال هذا العام، معتبرا النفط النرويجي والصخري الأمريكي “لا مستقبل لهما بسبب صعوبة الاستخراج وارتفاع تكلفته”. وأكد قدرة منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، التي تتحمل خسارة يومية تصل إلى 1.8 مليار دولار من جراء انخفاض الأسعار، على مواجهة الأزمة الراهنة بحنكة ورؤية مستقبلية، فإلى تفاصيل الحوار. كيف يمكن تسويق المنطقة العربية اقتصاديا في ظل تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية؟ يمكن تقسيم المنطقة العربية إلى دول مستقرة ودول غير مستقرة، ودول في حالة اضطراب هائل. ولا أمل في استقرار وتقدم المنطقة إلا بدعم دول الخليج المستقرة والقوية اقتصاديا، حيث يمكن أن تساعد الدول الأخرى على تفعيل برامج التنمية، وقبل ذلك استعادة الاستقرار السياسي. دول الخليج قادرة على تحمل كل هذه الأعباء والعبور بالمنطقة إلى الاستقرار والتنمية المنشودين والمساعدة بشكل خاص وعاجل في التوسط بتسويات سلمية لعديد من الصراعات الحالية. ما تأثير انخفاض أسعار النفط في اقتصادات الخليج في تقديركم؟ أظن أن التأثير ليس كبيرا في اقتصادات الخليج القوية، والسعودية على وجه الخصوص تتمتع باحتياطات وفوائض جيدة، ما يمكنها من السيطرة بشكل جيد على الأزمة والحفاظ على أداء اقتصادي متوازن ومعدلات تنمية ومستويات معيشية جيدة لمواطنيها. الاستثمارات في الخليج بشكل خاص يمكن أن تنمو بمعزل عن تراجع أسعار النفط، لأن كثيرا من المشاريع العقارية والسياحية يمكن أن تنجح وتمول ذاتها بذاتها. في تقديري أن انخفاض أسعار النفط لا يرجع إلى عوامل اقتصادية فقط، بل هناك أبعاد أخرى لأزمة. "أوبك" تنتج 30 مليون برميل يوميا وتخسر 60 دولارا في البرميل الواحد، مقارنة بالأسعار السابقة وخسائر يومية إجمالية تصل إلى 1.8 مليار دولار. لاشك أن هناك رابحا من هذه الخسائر، ويجب البحث عن المستفيد من ذلك. الاضطرابات السياسية وعدم وجود التشريعات الملائمة يعيقان دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى الاقتصادات العربية. ما مستقبل الاعتماد على النفط الخام؟ وما المدى المتوقع لاستمرار أزمة التراجع الحاد في الأسعار؟ أتوقع عودة الأسعار إلى الارتفاع قريبا وسعر تكلفة إنتاج النفط سيكون العنصر الأساس في تحديد مدى كفاءة واستمرار المنتجين. على سبيل المثال فإن إنتاج النفط في النرويج من الصعب أن ينجح إلا في ظل سعر برميل لا يقل عن 68 دولارا والنفط الصخري تكلفة إنتاجه في امريكا 70 دولارا للبرميل ما يعنى أن كثيرا من مصادر الإنتاج الحالية قد تتوقف قريبا. نفط النرويج والنفط الصخري لن يعودا إلى الإنتاج إلا إذا ارتفعت الأسعار العالمية من جديد، وبالتالي فإن انخفاض الأسعار له جوانب إيجابية. إنه يقلل المعروض ويخرج المنتجين الضعفاء من المنافسة ويبقي المنافسة محسومة لمصلحة منتجي النفط التقليدي منخفض التكلفة. ما أهم الملاحظات التي ترد إليكم في الغرفة حول بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في المنطقة العربية؟ هناك حاجة دائمة لتغيير جذري في التشريعات الاقتصادية العربية بما يسهل الاستثمار وتحقيق الأرباح المالية ونقلها دون قيود، وهو ما يشجع الاستثمار الأجنبي خاصة على النمو والازدهار في أسواقنا العربية. المشكلة الرئيسة التي يتحدث عنها الأوروبيون عدم الاستقرار التشريعي والتغيير المستمر في القوانين والقرارات التي تنظم عمل المشاريع في بعض الدول. الشفافية والاستقرار في التشريعات الاقتصادية عنصران أساسيان لتشجيع المستثمر دخول الأسواق العربية، خاصة ما يتعلق بالتحويلات المصرفية وفتح الاعتمادات وقواعد الاستيراد. ما المطلوب عاجلا لتحسين بيئة الاستثمار العربية في الوقت الراهن؟ الدول العربية إمكاناتها هائلة وأسواقها واعدة، وتتسم بضخامة الاستهلاك وارتفاع الكثافة السكانية. علينا تعديل قوانين الاستثمار في عديد من الدول، ودولة مثل مصر لديها ارتفاع في معدلات البطالة تحتاج إلى استثمارات جديدة لتوفير مزيد من الفرص الوظيفية. الاستثمارات تحتاج إلى تمويلات ضخمة والتمويلات تحتاج إلى تسهيلات بحيث يعرف المستثمر كل المعلومات عن السوق التي يرغب العمل فيها وكل الخطوات واضحة أمامه مسبقا، ودول كثيرة في العالم غيرت مسارها الاقتصادي بشكل كامل بسبب اهتمامها بأحداث تطوير شامل للتشريعات. ما دور مجالس الأعمال العربية - الأوروبية المشتركة والبعثات الاقتصادية في دعم التعاون المشترك؟ نحن كغرفة عربية نسعى لدفع التعاون المشترك بين أوروبا والدول العربية، ونضع خبراتنا وشبكة علاقتنا المتميزة في النمسا وأوروبا تحت أمر مجالس الأعمال العربية، ونرحب بأي اتفاقات مشتركة مع المنظمات العربية لتسهيل عملها واتصالاتها مع الجانب الأوروبي.