«إيقاع بطيء، خلطة رومانسية، أضواء وشموع وديكورات غربية، مع كثير من الموسيقى»، توليفة قدمها كاتب السيناريو عمرو الدالي في مسلسل «فرح ليلى» من بطولة ليلى علوي وفراس سعيد وعبد الرحمن أبو زهرة وأحمد كامل، وإخراج خالد الحجر. المسلسل الرومانسي الاجتماعي الذي عُرِض في رمضان، يقوم على فكرة رفض ليلى (ليلى علوي) الزواج على خلفية مرضية، إذ إن سرطان الثدي مرض وراثي يصيب سيدات العائلة. تفطن ليلى لهذه الحقيقة مبكراً وتقرر ألا تتزوج أو تبني أسرة، كي لا تتركهم وترحل بسبب المرض الخبيث، ومن ثم تركز على الجانب العملي من حياتها مع انتظارها لدورها من المرض، فتتألق في عملها كمصممة أفراح، تقدم للفتيات أجمل ليلة في أعمارهن، بينما تحرم نفسها منها. كما تجتهد في الاعتناء بوالدها الكهل «الأستاذ حسن» (عبد الرحمن أبو زهرة) وأختها الصغرى «مي» (نادية خيري). ونظراً الى الإيقاع الناعس والوتيرة المتهادية التي تمر فيها الأحداث، تتفرع القصص، إلى جانب القضية المركزية (انتظار ليلى للمرض)، فتعرض قصة أختها التي تتورط في زيجة عرفية مع زميلها «نادر» المعيد في كلية الفنون الجميلة (شادي خلف)، عدا عن تداخل الأب في الأحداث، بصفته الرجل العجوز الشقي الذي يحتسي القهوة ويدخن الأرجيلة خفية من وراء بناته، ويسعى بخفة دم وحيوية أن يلفق قصة حب لابنته المعرضة عن الزواج، وهو ما يحدث عندما تلتقي «ليلى» بـ «أدهم» (فراس سعيد) مصور الحروب الآتي من لندن بحثاً عن أمه المصرية، والذي تعقّب «ليلى» عندما التقاها مصادفة، بسبب الشبه بينها وبين أمه في الصورة الوحيدة التي يحتفظ بها لها. على هذه الوتيرة تمضي الأحداث، بتمهل ورويّة، كما يطعّم خالد الحجر وعمرو الدالي العمل بوجبة فنون، مغزولة بشكل أو آخر في الدراما، فـ «مي» الأخت الصغرى هي معيدة فنون جميلة ورسامة، ما يخلق مبرراً فنياً لخوض جولات درامية في عالم الفن التشكيلي من الرسم إلى النحت فالغرافيتي، مروراً بالتصوير الذي هو مهنة «أدهم»، إضافة إلى وجبات موسيقية رائقة، فزملاء «مي» في الكلية يشكلون فرقة غنائية مطربتها «هدير» (مريم صالح)، التي تبث مجموعة أغنيات في العمل، تصنع منه وجبة موسيقية بصرية، بشكل ربما يفوق حجم الدراما المعروضة. كذلك تحضر المطربة التونسية غالية بن علي بشخصيتها الحقيقية، وبصفتها صديقة «أدهم»، وبالطبع تنشد أغنيتها الشهيرة روميو وليلى التي تتماهى مع الأحداث في لفتة فنية لطيفة. أيضاً تحضر المطربة الشابة كارمن سليمان، بأغنية الحلقة الأخيرة، وهي ذاتها أغنية تتر المقدمة، ليكتمل بذلك الجانب الموسيقي والجمالي في العمل، وليغطي على الإيقاع البطيء والدراما المتمهلة، وبعض التنميط، المتمثل في الطريقة التي يعبر بها أفراد الأسرة أو الأصدقاء عن عمق صداقتهم ومحبتهم، عن طريق الإطراء المتبادل وكلمات التدليل والكثير من الأحضان والقبلات بشكل بدا مسرحياً في بعض الأحيان. على مستوى الأداء، يتوهج الفنان المخضرم أحمد كامل في دور «فتحي»، جار «ليلى» الأربعيني، والمفتون بها منذ طفولته. شخص معقد ومنغلق على ذاته، مرتبك وطيب، يقيم في خياله حياة كاملة مع «ليلى» ويمني النفس بها على مر السنوات. والحقيقة أن أحمد كامل قدم الشخصية بطريقة تجعله مرشحاً لحصد الجوائز، وأضفى بعداً كوميدياً على الدراما الرومانسية، بالتضافر مع القدير عبد الرحمن أبو زهرة الذي قدم شخصية الرجل العجوز بالروح المرحة المحب لأسرته، بشكل انسيابي يخلو تماماً من التكلف، على رغم جرعة التكلف الموجودة على مستوى الحوار في السيناريو. والأمر لا يختلف كذلك بالنسبة للوجوه الشابة: نادية خيري مثلاً تقدم نفسها في دور ثري تجيد تأديته، كذلك تنجح الشابة ياسمين كسّاب في تقديم شخصية الفتاة المدللة واللئيمة، وأيضاً يقدم شادي خلف أداءً جيداً. «فرح ليلى» الذي ينتهي في شكل نمطي، عندما ينتصر الحب على هواجس المرض، وبعد أن تجري «ليلى» عملية جراحية لاستئصال الورم، ثم تتزوج من «أدهم»، يَعِد فريق العمل في خاتمته بجزء ثانٍ في رمضان 2014، ربما لتجاوز بعض العثرات، أو لتجاوز النهاية التقليدية، والخوض في موجات درامية أعلى وبإيقاع أقل رومانسية ووتيرة أسرع.