رغم التقلبات الطفيفة في سعر الصرف، يواصل سعر صرف الدولار الأميركي منحى صعود مضطرد منذ صيف العام الماضي، إذ ارتفع بأكثر من 12 بالمائة في النصف الثاني من 2014 وبنحو 5 بالمائة في الشهر الأول من العام الحالي. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ستيف إنغلاند، من مصرف سيتي بنك، قوله إن الزيادة في سعر صرف العملة الأميركية في نحو أربعة اشهر الآن هي الأعلى في فترة مماثلة منذ عام 1976. ويتوقع كثير من المحللين أن تواصل العملة الأميركية الارتفاع في المدى القريب، ليس فقط أمام اليورو والين (عملتا شركاء أميركا التجاريين الرئيسيين ـ أوروبا واليابان) بل أمام كافة العملات الأخرى. الصناديق والمؤسسات والدول تسارع في الاستثمار في السندات الدولارية عالية العائد وفي ظل الحديث عن احتمال لجوء الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بعد شهرين، يقبل الناس في أنحاء العالم على الدولار والمشتقات المقومة به. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يصل العائد على السندات الأميركية لمدة عشر سنوات إلى 2.05 بالمائة، بينما العائد على السندات الألمانية للمدة ذاتها هو 0.28 بالمائة. ولهذا يلجأ كل من لديه مال من صناديق ومؤسسات ودول إلى وضع ثروته في السندات الدولارية عالية العائد. كما أن الاقتصاد الأميركي يتعافى من الأزمة المالية العالمية قبل ست سنوات بوتيرة أسرع من بقية الاقتصادات الرئيسية الأخرى، حتى بما فيها الاقتصاد الصيني الأسرع نموا تقليديا (والمقارنة بوتيرة النمو وليس نسبة الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي). مرونة الاقتصاد الأميركي تساعد على استيعاب الاختلالات المرحلية بسبب ارتفاع الدولار ورغم أن ارتفاع سعر صرف الدولار يضر بقدرة الشركات الأميركية على المنافسة في العالم (لأن منتجاتها أعلى سعرا مع ارتفاع عملتها مقابل عملات من يصدرون لهم) وأيضا يزيد من الواردات مقابل الصادرات. إلا أن مرونة الاقتصاد الأميركي تساعد على استيعاب الاختلالات المرحلية بسبب ارتفاع الدولار. وتكمن المشكلة في أن ربيع الورقة الخضراء يحل شتاء على السلع والمعادن المسعرة بالدولار في السوق العالمية وفي مقدمتها النفط. لهذا سار الخط البياني لهبوط أسعار النفط منذ يوينو العام الماضي حتى الآن مع الخط البياني لارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي.