بعد أن ساد الإحباط الشديد معسكر اليمين الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من نتائج استطلاعات الرأي التي تدل على تفوق «المعسكر الصهيوني» بقيادة يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي ليفني، عاد (اليمين) وانتعش، أمس، بسبب حادثة عابرة تلعثم فيها هيرتسوغ أمام نتنياهو. وقد وقعت الحادثة خلال مواجهة غير مباشرة بين الرجلين على شاشة القناة الثانية، الليلة قبل الماضية. فبعد طول رفض للدخول في مواجهة، تراجع نتنياهو ووافق على إجراء مواجهة معه ولكن بشروط، فقد رفض أن يجلس في استوديو واحد معه، ورفض أن يكون بينهما أي حوار، ووافق فقط على أن يوجه كل منهما للآخر سؤالا في نهاية الحلقة. وقد كانت نتيجة المواجهة لصالح نتنياهو. والسبب في ذلك هو في زلة لسان من هيرتسوغ، فقد سأله نتنياهو: «لماذا هاجمتم الحكومة على البناء في القدس؟»، يقصد مشروع البناء الذي أعلن عنه في الشهر الماضي في حي «هار حوما» - قرب جبل المكبر - والذي هاجمته الإدارة الأميركية وأوروبا، وكذلك هيرتسوغ وسائر قوى الوسط واليسار والإعلام في إسرائيل. فراح هيرتسوغ يتحدث عن موقفه الذي «نصر فيه على ضرورة وحدة نتنياهو إلى الأبد». وقصد وحدة القدس، فانفجر نتنياهو ومعه المذيعة بالضحك. وقد نسخ مكتب الدعاية الذي يعمل مع نتنياهو هذا المقطع من المواجهة وعممه على الشبكات الاجتماعية وفي الرسائل الهاتفية مضيفا إليه: «هيرتسوغ يتلعثم أمام نتنياهو، فكيف يصمد أمام أوباما؟». واعتبر الليكود هذه الزلة ضربة قاضية ستجعل هيرتسوغ يتدهور في الرأي العام. بالمقابل، نشر مكتب الدعاية الذي يعمل مع هيرتسوغ ردا على هجمة اليمين، بشريط يظهر فيه زلات وأكاذيب نتنياهو، ومنها: * في مقابلة مع صحيفة «جيروزلم بوست»، قال نتنياهو إنه «لا يغفر لحزب كديما قيامه بوضع خطة الانفصال عن غزة وتنفيذ الانسحاب من طرف واحد، ما أتاح تحويلها قاعدة لإطلاق صواريخ حماس على إسرائيل». ورد هيرتسوغ وحليفته ليفني بأن نتنياهو يشوه التاريخ، فقرار الانفصال عن غزة تم في عهد حكومة الليكود برئاسة آرييل شارون، قبل تأسيس حزب كديما بسنة، وأن نتنياهو شخصيا صوت في الكنيست مع قرار الانفصال هذا. * قبل أيام، هاجم نتنياهو مئير دغان، الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي، بسبب خطابه في مظاهرة تل أبيب قبل أسبوع. وقال إن دغان حاقد عليه لأنه لم يمدد له فترة رئاسته للموساد سنة أخرى. وقد نشر هيرتسوغ نص بيان صادر عن مكتب نتنياهو بعد شهرين من إنهاء دغان للعمل في الموساد، وفيه ينفي رسميا النبأ الذي نشرته إحدى الصحف في ذلك الوقت، وقالت فيه إن نتنياهو رفض التمديد ويشيد فيه بدور دغان كرئيس ناجح جدا للموساد. ومع التقدم في المعركة الانتخابية تزداد آمال المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) في إنجاح «القائمة المشتركة»، التي تضم جميع الأحزاب العربية. ويبرز النقاش داخل أبناء الطائفة العربية الدرزية، التي تحاول أحزاب السلطة الإسرائيلية تجنيدها لصالحها وإبعادها عن جذورها العربية العميقة. ويخوض مشايخ الدروز من الوطنيين، وكذلك القوى العلمانية الوطنية، معركة شديدة مع هذه الأحزاب من أجل رفع درجة التأييد للقائمة المشتركة. ومن أبرز هؤلاء الشيخ أبو نجم، يوسف زاهر، الذي قال: «علينا أن ندعم هذه القائمة، خصوصا أننا قد رأينا أعضاء الكنيست العرب يقفون إلى جانبنا في كل قضايانا، في حين أن أعضاء الكنيست من بني معروف (الدروز) كانوا يقفون إلى جانب أحزابهم التي تضطهدنا، كل همهم دفع الضريبة الكلامية وإرضاء الذات. في معركتنا دفاعا عن الأرض لم يرموا بثقلهم كما يجب، في حين أن أعضاء الكنيست العرب تجندوا لصالحنا.. في محنة بيت جن التي ألمت بالإخوة المشايخ الثلاثة الذين أقاموا بيوتهم على أراضيهم فغرموا بدفع 300 ألف شيقل (75 ألف دولار)، والسجن نصف سنة، وقف أعضاء الكنيست الدروز جانبا، واقترح أحدهم جمع المبلغ بدلا من معالجة المشكلة جذريا. فقيل له إن هناك آلاف البيوت في قرانا لا تزال من دون ترخيص وقد يقدم أصحابها إلى المحاكم. بالنسبة إلى الميزانيات والحصول على مستحقاتنا، جاءت للفرد اليهودي 6 آلاف شيقل وللمواطن العربي 500 فقط... هذه السلطة استهترت بنا وجعلتنا في قاع القائمة مع 400 شيقل للفرد، هذا بالإضافة إلى أن القرى الدرزية لا تحصل حتى على ما تحصل عليه بقية القرى العربية، على الأقل، واللي ما بشوف من الغربال أعمى، فعلى ماذا نمنحهم أصواتنا؟ ولا نريد أن نستعرض الواقع المهين الذي يترجم بالاعتداء على شبابنا لمجرد أنهم تحدثوا باللغة العربية، ولا عن عدم السماح حتى للضباط الدروز وغيرهم من الدخول إلى أماكن تعتبرها السلطة مهمة أو حساسة لا يجوز للدروز دخولها، ولا عن احتقارهم لنا واتهامنا بأننا مرتزقة». وأضاف أبو نجم: «لا حاجة بنا لأن نستعرض التاريخ، ولكن لي ملاحظة هامة، فهناك أحزاب يمينية متطرفة، ونحن نرى بأن هناك (مشايخ) يقفون إلى جانب هذه الأحزاب التي تصرح وتجاهر بعنصريتها الهمجية، من هؤلاء من يقف ويخطب في هذه الاجتماعات، وهنا نقول إن على من يريد أن يتملق لهذه الأحزاب من بيننا أن ينزع الزي الديني». يذكر أن وليد جنبلاط، الزعيم اللبناني الدرزي، كان قد وجه دعوة إلى الدروز في إسرائيل بأن يصوتوا للقائمة المشتركة، بوصفها التعبير عن وحدة العرب، فرحب بدعوته كثيرون، ولكنّ ممثلي أحزاب السلطة الإسرائيلية ردوا عليه بهجوم شرس. وقد استخدم أحد أعضاء اللجنة المركزية لحزب الليكود، أسعد الأسعد (وهو برتبة عقيد في جيش الاحتياط الإسرائيلي)، كلمات نابية وشتائم ضد جنبلاط بسبب هذه الدعوة.