ردت اليونان المتعثرة ماديا أمس قرضاً لصندوق النقد الدولي، وذلك في ظل استمرار مباحثاتها الفنية للأسبوع الثاني مع الجهات المانحة الدولية بشأن حزمة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية. وبحسب "الألمانية"، فقد ذكر مسؤولون في وزارة المالية أن اليونان ردت 588 مليون يورو (619 مليون دولار) لصندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن ترد أثينا قسطا إضافيا يقدر بـ 336 مليون يورو في 20 آذار (مارس) الجاري. وكانت اليونان والجهات المانحة قد بدأت جولة جديدة من المفاوضات الأسبوع الماضي بشأن نوع الإصلاحات التي ستطبقها اليونان مقابل الحصول على مزيد من المساعدات. يشار إلى أن الجانبين لم يحرزا تقدما بشأن حزمة الإنقاذ منذ أن تولت حكومة رئيس الوزراء اليكسيس تسيبراس اليسارية السلطة في كانون الثاني (يناير) الماضي، على خلفية وعد بإنهاء إجراءات التقشف المرتبطة بحزمة الإنقاذ. من جانبها، قالت كريستين لاجارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي "إنه ينبغي لليونان تنفيذ إصلاحات هيكلية"، مكررة تصريحات لمقرضين دوليين آخرين حثوا أثينا على تنفيذ إصلاحات للحصول على التمويل الضروري. وأشارت لاجارد إلى أنها تشعر بشدة بما يعانيه دافعو الضرائب في البلد العضو في منطقة اليورو الذي يعاني شح السيولة، لكنها أضافت أن "على اليونان خفض العجز المالي العام"، مضيفة أنها "تعرف مدى الصعوبة التي يعانيها اليونانيون ولا سيما من يدفعون ضرائب، وبنفس القدر أشعر بشدة أنه ينبغي تحويل مسار الاقتصاد، وينبغي تنفيذ إصلاحات هيكلية، كما ينبغي لبرامج معاشات التقاعد أن تستقر وتمول بشكل ملائم لأنه لن يكون بوسعهم الاقتراض على الدوام في المستقبل". ومع التراجع الحاد للسيولة تسعى حكومة اليونان إلى إصدار مزيد من السندات القصيرة الأجل، لكن البنك المركزي الأوروبي يرفض حتى الآن إعطاءها الضوء الأخضر. وقال تسيبراس "إن بلاده لن تقبل أي عودة للتقشف"، ملقيا باللوم على سياسات اتفاق الإنقاذ خلال السنوات الخمس الماضية في مستويات لم يسبق لها مثيل من الركود وارتفاع البطالة لمستويات قياسية والأزمة الإنسانية في بلاده، لكن لاجارد لم ترَ أي بديل للإصلاحات المالية، وفي نهاية المطاف ينبغي خفض العجز المالي الذي لم يتم خفضه، ويجب أن تتصدى لذلك. إلى ذلك، يعتزم آلاف الأشخاص الخروج في مسيرة غداً في فرانكفورت احتجاجا على سياسات التقشف التي يلقون فيها باللوم على البنك المركزي الأوروبي، بينما يفتتح البنك مقرا جديدا شاهقا. تأتي المسيرة المزمعة في أعقاب احتجاجات في قبرص خارج مقر اجتماع مجلس اتخاذ القرار التابع للبنك المركزي الأوروبي، وتعبر المسيرة عن الاستياء من المؤسسة القوية التي حاولت أن تنأى بنفسها عن الخلافات السياسية في منطقة اليورو. وقال أولريتش فيلكن أحد منظمي الاحتجاج الذي سيقام قرب مقر البنك المركزي الأوروبي الذي تكلف 1.3 مليار يورو (1.4 مليار دولار)، "إن السبب الرئيسي للاحتجاج هو البنك المركزي الأوروبي في الترويكا المسؤولة عن سياسات التقشف، التي دفعت كثيرين إلى براثن الفقر". وتضم الترويكا أيضا المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، وتراقب الدول التي حصلت على حزم إنقاذ دولية مثل اليونان وقبرص، وكان يانيس فاروفاكيس وزير المالية اليوناني انتقد سياسة "المركزي الأوروبي" تجاه بلاده وقال "إنها خانقة"، وهو نفس ما قاله منظمو الاحتجاج الذين توقعوا قدوم ثلاثة آلاف شخص من الخارج للانضمام إلى سبعة آلاف آخرين من داخل ألمانيا.