قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن حصتها من الإنتاج العالمي من النفط انخفضت قليلا في فبراير (شباط) الماضي لتصل إلى 32.1 في المائة بعد أن ضخت دول المنظمة في الأسواق ما يقرب من 30.02 مليون برميل يوميا من النفط، وهي أقل كمية ضختها منذ يونيو (حزيران) الماضي. وأوضحت المنظمة في تقريرها الشهري الصادر أمس الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن إنتاج العالم من النفط في فبراير الماضي انخفض بنحو 60 ألف برميل يوميا عن شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ليصبح 93.57 مليون برميل يوميا. وتراجع إنتاج «أوبك» في فبراير الماضي بسبب الانخفاض الكبير في إنتاج العراق الذي واجه ظروفا جوية متقلبة وشديدة منعته من تصدير النفط في بعض الأيام، إضافة إلى بقاء إنتاج النفط الليبي منخفضا خلال الشهر. وتعتمد الأمانة العامة لـ«أوبك» في فيينا طريقتين في التقرير الشهري لعرض إنتاج المنظمة؛ الأول هو الإنتاج بناء على الأرقام الرسمية التي تزودها بها الدول، أما الطريقة الثانية فهي الاعتماد على المصادر الثانوية التي تحصل عليها من 5 جهات مختلفة، فبناء على الأرقام الرسمية أو التخاطب المباشر، فإن «أوبك» أنتجت 30.25 مليون برميل يوميا في فبراير بتراجع قدره 338 ألف برميل يوميا عن يناير، وهو رقم أعلى من الرقم الذي حصلت عليه الأمانة العامة من مصادرها الثانوية والبالغ 30.02 مليون برميل يوميا. وعلى صعيد الإنتاج الشهري للنفط، أبلغت السعودية «أوبك» أن إنتاجها في فبراير انخفض بنسبة ضئيلة قدرها 44 ألف برميل يوميا عن شهر يناير ليصل إلى 9.64 مليون برميل يوميا. ولم يتغير إنتاج السعودية كثيرا خلال الأشهر الأربعة الماضية وظل يتراوح حول مستوى 9.6 مليون برميل في دلالة على استقرار الطلب على النفط السعودي. * الطلب على النفط * وبالتحول إلى الطلب على النفط، فبحسب تقديرات المنظمة، فإن الطلب العالمي سينمو بمعدل 1.17 مليون برميل يوميا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهو ما معناه أن إجمالي الطلب على النفط في 2015 سيصل إلى 92.37 مليون برميل مقارنة بنحو 91.21 مليون برميل يوميا في عام 2014. وتقول «أوبك» إن الطلب على نفط دولها الأعضاء سيبقى عند 29.1 مليون برميل يوميا، وهو المعدل نفسه الذي ذكرته في تقريرها لشهر فبراير الماضي، وهو رقم أقل من سقف الإنتاج المعتمد للمنظمة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011 والبالغ 30 مليون برميل يوميا. وستأتي غالبية النمو في الطلب على النفط في العام الحالي 2015 بين بلدين رئيسيين؛ هما السعودية والصين، فيما سيشكل الطلب من الشرق الأوسط والصين نحو نصف الزيادة المتوقعة من الطلب على النفط في العالم خلال العام. ومن بين الزيادة البالغة 1.17 مليون برميل يوميا سيأتي 310 آلاف برميل يوميا منها من الصين، فيما ستكون حصة السعودية منها قرابة 150 ألف برميل يوميا. وسيشكل النمو في الطلب من المملكة نصف نمو الطلب على النفط من الشرق الأوسط هذا العام، الذي سينمو بنحو 280 ألف برميل يوميا عن العام الماضي. وستشكل الزيادة من الصين والشرق الأوسط مجتمعة 590 ألف برميل يوميا، وهذا مما جعل «أوبك» تقول في تقريرها إن أي تطورات في هاتين المنطقتين سيكون لها أثر كبير في الطلب على النفط هذا العام. وتواجه الصين صعوبات كبيرة في الأعوام الأخيرة لتحقيق معدلات النمو المستهدفة للاقتصاد؛ ففي العام الماضي لم تتمكن الصين من تحقيق معدل 7.5 في المائة، ثم عادت وخفضت معدل هذا العام إلى 7 في المائة. وسيكون الطلب على النفط من الصين هذا العام أقل من الطلب في العام الماضي الذي زاد بنحو 400 ألف برميل يوميا عن مستواه في 2013. وكان الأمين العام لمنظمة «أوبك» الليبي عبد الله سالم البدري، قد أوضح في المنامة الأسبوع الماضي أن نمو الاقتصاد العالمي لا يزال هو التحدي الأكبر الذي يواجه دول المنظمة؛ حيث إن الإشارات التي يرسلها النمو العالمي تفاؤلية وتشاؤمية في الوقت نفسه. وقال البدري خلال كلمة ألقاها في مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز في البحرين إن النمو العالمي ليس واضحا على الرغم من أن الأمور هذا العام تبدو أفضل بكثير من العام الماضي؛ إذ من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.4 في المائة في 2015 مقارنة بنحو 3.2 في المائة في 2014. وأوضح البدري أن سبب قلقه على المدى الطويل حيال النمو العالمي هو الحالة الاقتصادية التي تمر بها أوروبا التي لم تستطع حتى الآن أن تحقق تقدما ملموسا، في الوقت الذي بدأ فيه النمو الاقتصادي بالصين في التباطؤ. وقال البدري: «في مرات كثيرة كنا نتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة معينة، ثم يفاجئنا بالنمو بمعدلات أقل». * النفط الصخري * وبالانتقال من الطلب إلى العرض؛ فإن التقرير أوضح أن الإنتاج من خارج دول «أوبك» هذا العام لن ينمو كثيرا؛ حيث من المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط الحالي إلى تراجع الإنتاج من الولايات المتحدة في النصف الثاني من العام الحالي. وقالت «أوبك» في تقريرها أمس إن إنتاج النفط الأميركي قد يبدأ في التراجع بنهاية عام 2015، فيما يشير إلى أن انهيار أسعار الخام سيستغرق وقتا كي يؤثر على طفرة النفط الصخري. وقالت المنظمة: «منتجو النفط الصخري يدركون أن إنتاج آبار النفط النموذجية في الحقول الصخرية ينخفض سنويا 60 في المائة، وإنه لا يمكن تعويض الخسائر إلا بحفر آبار جديدة». وأضافت: «مع انحسار أنشطة الحفر بسبب ارتفاع التكلفة واحتمال استمرار انخفاض أسعار النفط.. يمكن توقع انخفاض الإنتاج في أعقاب ذلك.. ربما بحلول أواخر 2015». وكانت «أوبك» قد قررت الإبقاء على سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يوميا دون تغيير في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكانت السعودية القوة الدافعة وراء تحول سياسة «أوبك» في اجتماعها الأخير للحفاظ على حصتها السوقية. وتعافت أسعار النفط في وقت سابق من العام وارتفع سعر «مزيج برنت» ثانية فوق 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ ديسمبر، وربما كان ذلك هو السبب وراء شعور السعودية بأنها كانت على حق. لكن سعر «مزيج برنت» استقر قرب أدنى مستوى في شهر دون 55 دولارا للبرميل يوم الجمعة بعدما هوى 9 في المائة خلال الأسبوع. وقال مستشار وزير البترول السعودي إبراهيم المهنا في الدوحة أول من أمس إن أسعار النفط بدأت في الاستقرار حول 60 دولارا للبرميل خلال الأسابيع القليلة الماضية، وإنها ستواصل الصعود بينما سيواصل الطلب على النفط النمو بقوة. وأضاف: «لا أحد منا يعرف المستقبل. بمجرد أن فقدت نظريات المؤامرة أثرها عاد المعلقون الجادون إلى أساسيات السوق، وبدأت الأسعار تستقر حول 60 دولارا للبرميل في الأسابيع القليلة الماضية».