×
محافظة المنطقة الشرقية

رياضي / اتحاد الطب الرياضي يطلق حملة وطنية لنشر الوعي الغذائي للرياضيين

صورة الخبر

في المجتمعات المحافظة يصبح القليل من أمراض المجتمع كثيرا، مع أن الأمراض الاجتماعية هي الأمراض الاجتماعية قلّت أو كثرت، وبالتالي فهي تستوجب استنفار كل قوى المجتمع؛ للوقوف سدا منيعا في وجه هذه الأمراض حتى مع ندرتها النسبية في المجتمع، وهي وقفة صارمة هدفها عدم انتشار هذه الأمراض وتفشيها، والحد من آثارها السلبية وأخطارها الكارثية، حين تستوطن هذه الأمراض وتفرخ في خلايا المجتمع، وتمهد لمرحلة لها ما بعدها من تهجين المجتمع لقبول هذه الأمراض مستقبلا، بعد أن تصبح عادة وبعد ذلك سلوكا لا تستنكره عامة الناس، أي القاعدة العريضة في المجتمع، ووجود أي نوع من الأمراض الاجتماعية يحيلها إلى ظاهرة مع مرور الأيام. وهنا يأتي التساؤل عن كيفية مجابهة هذه الأمراض! بعض المجتمعات تتجاهلها في البداية، فإذا استشرى ضررها تجابهها بقوة وصرامة لا تعرف التهاون ولا تقبل الحوار، ولا تتقصى المسببات لتعالجها وتقضي على الداء بقضائها على أسبابه، وفي هذه المجتمعات ينشط المتشددون في استعراض عضلاتهم، اعتقادا منهم أنهم أوصياء الله على خلقه، وأنهم وحدهم حراس الفضيلة والأخلاق، مع أن هذه مهمة كل فرد من أفراد المجتمع، وعليه أن يضعها على رأس قائمة أولويات اهتمامه، والتحدي في مثل هذه المواقف يدفع إلى التحدي من قبل الطرف الآخر، وفي هذه الأجواء المتأزمة تستضرى الخصومات وتستحكم العداوات، وقد تؤدي إلى حروب التطرف، ومعارك الغلو، وهمجية الإرهاب، وفي ظل غياب الحكمة، تظل كل أبواب العنف مفتوحة واحتمالات الشر واردة. وهذا منهج عاطفي أضراره أكثر من فوائده. وهناك مجتمعات تنظر إلى هذه الأمراض الاجتماعية، بعين المتبصر ثم الفاحص ثم المعالج، وترى أن الوقاية أفضل من العلاج، لذلك هي ترصد أي ظاهرة سلبية، وتبحث عن مسبباتها وتحاول القضاء على هذه المسببات وتجفيف منابع إمدادها بعوامل البقاء، متخذة في سبيل ذلك طريق الحكمة والموعظة الحسنة، دون مواقف حادة ومتشنجة، ودون إنكار الواقع أو تجاهله أو عدم الاهتمام به، ومعالجته بالتي هي أحسن؛ ليكون العلاج معتمدا على البحث الذي يكشف أسرار الواقع، ويحدد حجم المشكلة، وعلى إحصائيات ووقائع واستنتاجات تبنى عليها القرارات، ودروس تستخلص منها العبر، وتوضع على ضوئها خطط المعالجة، ومراحل تنفيذها، وهذا منهج علمي، فوائده أكثر من أضراره. وهذا المنهج العلمي يحتاج إلى الواقعية التي تمد المنهج العلمي بالكثير من أداوت العلاج، وهذا يعني أن علاج هذه الأمراض، يحتاج إلى النظر إليها بعين الوسطية، التي لا إفراط فيها ولا تفريط، وهذا يعني النظر إلى هذه الأمراض بعين الحزم تارة، وبعين اللين تارة أخرى. وخلال التركيز على البحث عن العلاج، لا يمكن نسيان أهمية المراقبة والحزم تجاه أي ظاهرة سلبية، ومعاقبة من يقف وراءها، بينما يتواصل العمل - وفي الوقت نفسه - للبحث عن الأسباب والقضاء عليها، وهذا يعني أن تسير الجهود في مسارين متوازيين يلتقيان عند نقطة الإصلاح الذي ينشده الجميع، ولعل هذا الاتجاه هو الأكثر نجاحا في التعامل مع الواقع، بعدم التفريط في تجاهله، وعدم التشدد في مجابهته، لا الرفض جملة وتفصيلا، ولا القبول جملة وتفصيلا، وسلاح ذلك هو النظام الرادع، والعلم النافع، وتطبيق النظام في كل المجتمعات هو الحد الفاصل بين الخير والشر، وهو السفينة التي يمكن أن تنقد المجتمع من معوقات تطوره، وتنقله من أمواج الفساد والفوضى والأمراض الاجتماعية إلى شاطئ الإصلاح والاستقرار والحراك التنموي الشامل. ونقول تطبيق النظام، لأن أي نظام لا يطبق لا جدوى منه. وهذه هي الواقعية المجدية التي لا تسلم بأمراض المجتمع ولا تجابهها بتشدد وتطرف، بل تعمل على إصلاح عوارها، بالمنهج العلمي المتوازن والسليم، بعيدا عن عنف المتطرفين، وتهاون المهملين.