اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أنّ الاستثمارَ في مصرَ هو استثمارٌ في تحصين الأمن القوميّ العربيّ، وفي إعادةِ النِصابِ في هذه المنطقة من العالم إلى سَويِّة طبيعيّة. وقال سلام في مؤتمر دعم الاقتصاد المصري في شرم الشيخ إن لبنان يخوض «معركةً ضاريةً مع الإرهاب، ونجحنا حتى الآن، بتماسُكِ وحدتنا الوطنيّة، وبفضلِ جيشنا وقواتنا الأمنيّة، وبمعونة أشقائنا وأصدقائنا وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، في التصدّي لهذه الهجمة الشرسة وحَصْرِ أضرارِها وتحقيقِ نسبةٍ عاليةٍ من الحصانةِ الأمنيّةِ في البلاد». وكان سلام التقى على هامش المؤتمر ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز، وقابل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأكد له «أن الوضع الأمني في لبنان ممسوك والجيش اللبناني المدعوم من كل اللبنانيين يتصدى للإرهابيين على الحدود الشرقية للبنان». وأكد أمير الكويت حرصه على لبنان، مشدداً على «محبة الشعب الكويتي للبنان وتصميمه على زيارته مهما كانت الظروف». وتمنى «أن ينجح اللبنانيون في تخطي خلافاتهم وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت». وتمنى سلام على أمير الكويت «عدم تنفيذ القرار المتخذ في شأن اقفال مكتب صندوق التنمية الكويتي في بيروت وتجاوب الأمير الكويتي مع الطلب». وقابل سلام عاهل الأردن عبدالله الثاني وتركز البحث على الأوضاع والتطورات في المنطقة. وكان قابل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعرض معه التطورات. كما التقى الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني. وتحدث سلام عما «تتعرّضُ له مصرُ على أيدي قوى التطرّف والظلام». وقال:»نحن واثقون بأنّ القوات المسلحة المصرية، مدفوعةً بقرارٍ سياسيٍّ حاسم، قادرةٌ على دحر ومعاقبةِ كلِّ من يُريدُ شرّاً بمصرَ وأهلِها». وأعرب عن يقينه بأن مصر «ستنجحُ في تثبيتِ السلام والاستقرار اللذَيْن يؤمِّنان المناخَ الملائِمَ للأمنٍ الاقتصادي». وأوضح سلام أن لبنان» يعرف أكثر من غيره معنى الضائقةِ الاقتصاديةِ الحادّة، والتجربةِ الأمنيّةِ المريرة ... والتحدّياتِ السياسيةِ الضاغطة وجئنا لنُعلنَ فعلَ إيمان بدور مصر وبأنّ إرادةَ المصريين وعزيمتَهم وكفاءاتِهم وإمكاناتِهم قادرةٌ وبمعونة إخوانهم العرب، على العبور بمصرَ إلى برّ الأمان، لتعودَ الى موقعِها الرائد في محيطها وفي عالمها العربي والإسلامي». وإذ أشاد «بتصدي الرئيس عبد الفتاح السيسي بحكمة وكفاءة لمهمّة شاقّة، في واحدةٍ من أصعب المراحل التي تمرُّ بها مصرُ الشقيقة، بل العالمُ العربيّ بأسرِه»، وجه التحية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإخوانِه في قيادة المملكة العربية السعودية، التي تتقدم مسيرة الغَيْرَةِ واللّهْفَةَ على مصرَ وكلِّ العرب، وإلى الدول الشقيقة وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت». وأشار إلى أن «الحشد الكبير في المؤتمر دليلٌ على تحسّس البلدان العربيّة والأسرة الدوليّة لأهميّة الوقوف إلى جانب مصر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها». وتابع: « أدّت التطوراتُ المتلاحقة منذ ثورةِ 25 يناير، وتبعاتُها السياسيّةُ والاقتصاديّةُ والاجتماعيّة والأمنيّة، الطبيعيّةُ منها والمفتَعَلة، إلى إشغال مصرَ بهمومِها الذاتيّة، وحرمانِ العالمِ العربيّ من دورِها الوازِنِ والفاعل الذي اعتادَ العربُ اللجوءَ إليه في المَلَمّات. إنّ هذا الواقعَ ساهَمَ في زيادة الوهَنِ في البنيان العربيّ، ما سَهَّل لإسرائيل المضيَّ في سياسات العدوان وخلقِ وقائعَ جديدةً على أرض فلسطين من دون رادعٍ ولا حسيب؛ كما شَرَّع الأبوابَ أمام تدخلاتٍ خارجيةٍ متمادية في العديد من الدول العربية بما يهدّد نسيج مجتمعاتِها ووحدة كياناتِها». ورأى أن «ردمَ الثَغرةِ في جدارِ المناعةِ العربيّة، في التصدّي لهذه العدوانيّة ولمواجهة الفِتنِ ومحاولات زعزعة الاستقرار في منطقتنا، لا يمكنُ أن ينجحَ إلاّ بعودة العافية إلى مصر. لذلك، فإنّنا نعتبر أنّ الاستثمارَ في مصرَ اليوم، شأنٌ أبعدُ من حقِّ المصريين البديهيّ في الحياة الكريمةِ والتقدُّم الاجتماعيّ والاقتصاديّ، واستكمالِ متطلبات التحوّلِ الديموقراطي». وأكد الحاجة إلى «التفعيلُ الجِدّي لآليات العملِ العربيّ المشترك، ووضعُ الخطط التي تُمَكِّنُنا من استعادة زمامِ المبادرة، وسط هذا المشهد العالميّ والإقليميّ الصاخب، وما فيه من عوامل عدم استقرار سياسيّ واقتصادي، والتحكُّمُ بمقدّراتِنا وبمسارِنا الاقتصاديّ». وختم: «لدى مصرَ الكثيرَ ممّا يُمكِنُ أن تُقدِّمَه لنفسِها ولإخوانها وللعالم. نريدُ مصرَ آمنةً، سالمةً، قويةً، مزدهرة؛ ونتطلّعُ الى دورٍ فاعلٍ لها في قلب الأسرة العربية والعالم الإسلامي، ونحن مع مصر قادرون على وقف الظلام الزاحف في بلادنا وعلى درء عوامل الفتنة والتشرذم و الانتصار في صراع الإرادات».