×
محافظة الرياض

تدشين مركز الفوزان للتأهيل الشامل في محافظة الزلفي الأربعاء المقبل

صورة الخبر

وضعت يدي على رأسي وأنا أسمع الخبر الصاعق، هناك ما يزيد على خمسمائة ألف عانس في المملكة العربية السعودية، والعدد مرشح للوصول إلى المليون في السنوات المقبلة. تُرى مسؤولية من أن يصل الوضع بنا إلى هذا الحد، هل هو الفقر؟؟ أو الفاقة؟؟ نحن من أغنى دول العالم ومن أفضلها دخولاً، وربما تكون سلعنا الغذائية هي الأرخص على مستوى العالم أجمع، من خلال مقارنتها بجميع الدول التي أتيح لي زيارتها. فلا مجال البتة للمقارنة، وتعدادنا السكاني لم يصل للرقم الصعب الذي يجعل منه متغيرًا تابعًا وينبغي دراسته بشكل مستقل وبفروض قابلة للقياس والاختبار وإعادة الاختبار، والبطالة المقنعة لدينا تتفوق على البطالة المعلنة، ولا عذر لشاب لا يريد العمل بحجة ما يحمله من شهادات، فلو كان مؤهلاً لتقاتلت عليه مؤسسات القطاع الخاص، وبأعلى الرواتب والمزايا، أما إن كان من حملة شهادة والسلام، فعليه قبول أنصاف الحلول، فالمملكة العربية السعودية استوعب سوق العمل فيها عشرة ملايين وافد من عشرات الدول وفي مختلف التخصصات، وبالتالي لن يعجز عن استيعاب أبنائه متى كانوا جادين، وملتزمين بما يوكل إليهم من أعمال - وهمسة في أذن كل أب وأم عاملين، لا توهموا أبناءكم بأنكم قادرون على الصرف عليهم من رواتبكم، مما يجعلهم يزهدون في كل الفرص المتاحة أمامهم للعمل، فلن تدوموا لهم، وهذه سنة الله في خلقه، يومًا ما سترحلون وجميعنا راحل لا محالة، فلا ينبغي أن نترك أبناءنا يتذوقون مرارة التفريط في فرص العمل اعتمادًا على راتب الأب والأم، ورحلة الألف ميل تبدأ بميل، وكل ناجح بدأ من الميل الأول - ولذلك من المستغرب أن تبرز لنا مشكلة العنوسة، ففي دول أخرى ترجع المشكلة إلى البطالة، وتدني الأجور مما يصعب على الزوج الإنفاق ومواجهة أعباء الحياة. وبالتالي تجد الرجل يعزف عن الزواج إلى حين ميسرة، ومن يدفع الثمن هنا هو المرأة، فتتوالى عليها السنون من دون زواج حتى تصل إلى سن متقدمة ومن ثم تصنف على أنها عانس، وتبدأ فرصتها بالزواج من رجل عازب لتبدأ معه حياة جديدة تقل وقد تنعدم، ومن ثم ليس لها إلا الانتظار أو القبول برجل متزوج أو أرمل، وهذه هي حقيقة الوضع الذي كشف عنه النقاب أخيرًا. ولكن من المروع أن يكون في بلدي هذا العدد المهول من الفتيات ممن فاتهن قطار الزواج، والتقرير لم يتطرق إلى عدد آخر مهول، وهن المطلقات، وهن لا يختلفن في ظروفهن عن العوانس، بل إن معظم المطلقات لم تتجاوز أعمارهن الثلاثين عاماً، وقد يعشن في ظروف أصعب، خصوصًا من طلقت وتعول أطفالاً، وسواء كانت تعمل أو لا تعمل، فكلتا الحالتين فيها من العنت والمشقة على هذه المسكينة ما الله به عليم. وأجد من الأمانة أن أعرض الموضوع من جميع جوانبه، فقد يروق للبعض وقد يسخط البعض، وأنا ما يهمني ككاتب في المقام الأول هو ضميري، وليس البعض، وأن أدين الله بما أكتب. إن مما فاقم من مشكلة العنوسة في بلدي، هو شيوع فكرة أن المرأة لا بد لها أن تواصل تعليمها الجامعي، خشية أن تتزوج مبكرًا فيكون الرجل غير مناسب ومن ثم يحدث الطلاق، فتجد المرأة نفسها وجهًا لوجه أمام أعباء الحياة، وإن كان لها أطفال، فالمشكلة تصبح متفاقمة ويصعب على المرأة تحملها، خصوصًا في حال ضيق ذات يد والدها أو أخيها إن كان هو المعيل، وتهرّب كثير من الأزواج من الحق الشرعي للأولاد في النفقة، بالمقدار الذي يحدده القاضي، وللأسف أن يقع موضوع النفقة وحقوق الزوجة والأولاد في منطقة ضبابية، وتحوم حولها كثير من السحب التي تحجب الرؤية، ولا أدري لماذا ونحن من أقوى الدول في عملية ضبط الجانب الديني من خلال هيئة كبار العلماء. ولدينا من الخبرة في مجال القضاء ما يؤهلنا لوضع الحلول المثلى لمثل هذه المشاكل التي قضى الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام فيها. أعود وأقول لكل بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا، اللاتي جار الزمان عليهن، لقد كفل الشرع للمرأة العيش الكريم سواء في ظل رعاية والدها أو أخوتها أو زوجها وفي حال غياب كل أولئك، تقوم ولاية ولي الأمر أو من ينيب لرعاية شؤونها، فلا يزايد علينا أحد بضرورة أن تعمل المرأة مثلها مثل الرجل، فلا تدري ماذا يحمل لها المستقبل، وللأسف أن يخرج علينا جيل من النساء يرون في عمل المرأة في بيتها انتقاصًا لقيمتها، وهو الأصل، بينما الاستثناء أن تعمل المرأة خارج البيت متى ما دعت الحاجة والضرورة للعمل وفي تخصصات تفرضها طبيعة المرأة، كطب النساء، والتدريس، ومع ذلك ينبغي أن توفر لها كل الظروف التي تكفل لها رعاية أبنائها وإرضاع أطفالها، وعدم ابتزازها بالعمل لساعات طويلة، بل يعمل على وضع برنامج عمل يعتمد نظام تدوير العمل بحيث لا يزيد عملها على سبع ساعات فأقل، وتبدأ أخرى مكانها، هكذا يجب أن تعامل المرأة، أما أن تزاحم المرأة الرجل في كل ما يعمله فهذا لم يكن فيمن سبقنا، ولم يأمر به الدين، فالصلاة التي هي فريضة على الرجل والمرأة جعل فضل أدائها للمرأة في بيتها، على الرغم من السماح لها بأدائها في المسجد، ولذلك ليس بالأمر المقبول، بل إنه مما يؤسف له، أن يرسخ مفهوم إخراج المرأة من بيتها للعمل من دون حاجة، فقد خلق الله الرجل والمرأة ولذلك لا يحتاج لذي لب أن يعرف الفرق. ولو لم يكن فرق لما كان هناك رجل وامرأة، ولذلك تأتي دعوة مساواة المرأة بالرجل كمساومة رخيصة وبدعة من بدع الغرب من أجل جر المرأة للشارع وحرمانها من أشرف مهمة خصها الله الخالق عز وجل بها المتمثلة في رعاية وتربية الأطفال والإشراف على شؤون أسرتها، وأستغرب كل الاستغراب أن أجد من بيننا من الرجال والنساء من يردد هذا الكلام الفارغ من أي محتوى، الذي لا يدل إلا على تسطيح للفكر وتيه وضلال، ولعل ما نشاهده من حالات عقوق، وصل في بعض الأحيان إلى درجة التعدي باليد على الأب والأم، بل تعداه إلى القتل والعياذ بالله، مرده إلى غياب الرابط الذي يربط الوالدين بالأبناء، ذلك الرباط الرباني، الذي عبّر عنه القرآن ولم يكن ليعبر المولى عز وجل بشيءٍ إلا لحكمة إلهية ولتقريب الصورة الذهنية لعقولنا القاصرة، يقول تعالى في محكم التنزيل (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين إن اشكر لي ولوالديك إلي المصير )) لقمان الآية 14. ويقول تعالى في موضع آخر ((والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف .... الآية )) البقرة 233. وكلتا الآيتين الكريمتين تؤكدان على حقيقة واضحة لا مراء فيها وهي أن رعاية المرأة للطفل منذ الولادة وتعدها بتربيته حتى يكبر هو تكليف وتشريف إلهي لا خيار لها فيه، وميزة خصها الله بها وهذا الدور العظيم لا يمكن أن يؤديه الرجل لعجزه عن ذلك وتفرد المرأة بما أعطاها الله من حنان وقوة تحمل وصبر، وسعة بال لا تتوفر عند الرجل، ولو كان البديل للأم امرأة، فلن تعوض الطفل عن حنان ودفء صدر أمه، والأدلة كثيرة على ما تعانيه البيوت التي حلت فيها الخادمة محل الأم، وكل يعرف تمامًا وشاهد بأم عينه الحالات المأساوية التي تعرضها لنا مقاطع اليوتيوب بشكل يومي، وكأننا أمام نشرات أخبار يومية، وفي المقابل، ألزم الرجل وهذا يشمل الأب والأخ والزوج والأقرب فالأقرب، وصولاً إلى ولي أمر المسلمين، فالمرأة في الإسلام محاطة بعناية فائقة لم تعرفها في باقي الأديان التي تدعي كذبًا منح المرأة حقوقًا، فأي حقوق تلك التي تأتي مقابل سلب كرامتها وإجبارها على العمل في أشق وأصعب الأعمال التي لا يتحملها الرجال فضلاً عن النساء. وهنا أتوجه لنساء الشورى اللاتي يصلن للثلاثين عضوة في مجلس الشورى، وأنتن تمثلن شريحة المرأة في المجتمع، هل طموحكن توقف عند توقيع قرار تعيينكن، وهل التعيين بحد ذاته يكفيكن شهرة، ماذا قدمتم لبنات جنسكن اللائي ينتظرن منكم الكثير، لقد عانت معظم النساء الكثير بسبب تعنت معظم الرجال، وبسبب بطء الإجراءات القضائية، وهناك الكثير من الرجال ممن ألزم بدفع النفقة، وها هو يتهرب منها وتضطر المسكينة إلى الشكوى لكي تنال مستحقات أطفالها، وعليها أن تنتظر هذا المتقاعس الظالم حتى يلزم إلزامًا بدفع ما عليه وقد يتجرأ ويساومها على الأبناء، وفي كل الأحوال المرأة متضررة، فأين دفاعكن يا نساء الشورى، وأين أوراقكن، وأين دراساتكن فأنتن متفرغات للعمل في المجلس، ولا يوجد ما يمنعكن من الخروج للشارع وتلمس مشاكل وحاجات بنات جنسكن، وما أكثرها، وماذا عن تعنيف الزوجات وإجبارهن على العيش تحت وطأة سحب الأبناء أو التهديد، الذي وصل بأحد الأزواج المتعاطين لدرجة الضرب المبرّح والتهديد، وملاحقة الزوجة في مكان عملها ولولا تدخل رجال الأمن لربما اقتحم المكان وحدث مالا تحمد عقباه، وها هو يهددها بأولادها، ويحاول استلامهم بعد انتهاء اليوم الدراسي بغرض ابتزازها. فأين أنتم يا نساء الشورى عن حصر المشاكل التي تعانيها بنات جنسكن وتقديم الحلول المناسبة لهن، وليس من باب التوصيات بل من باب رفعها للمقام السامي لدراستها وتنقيحها من قِبل العلماء والمشايخ الفضلاء، ومن ثم إقرارها لتكون دستورًا ومرجعًا دينيًا صالحًا بإذن الله للعمل به باستمرار. وماذا أعددتن لتصحيح وضع من ليس لها من الأرامل والمطلقات مسكن، هل حاربتن من أجل إيصال أصواتكن للمسؤولين عن الإسكان وتوفيره بأسرع وقت ممكن، وحقيقة من المؤسف أن أطالع تصريحًا لإحدى عضوات المجلس في لقاء صحفي معها وهي تقدم للقراء خبراتها التي استمرت عشرين عامًا لإقناع أسرتها بعدم التمسك بالعادات والتقاليد التي تعيقها. ولم تذكر ما هذه العادات والتقاليد تلك التي كانت تقض مضجعها، التي استغرق التخلي عنها عقدين من الزمان، وبعدها، لكم أن تتصوروا ولكم أن تحكموا. علينا أن نعترف أن هناك قصورًا في البيت والمدرسة والمؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بشؤون الأسرة تجاه عزوف الفتيات عن الزواج المبكر ورغبتهن في مواصلة دراستهن، من كثرة ما يضخ من تخويف للفتيات بأن مستقبلكن في العمل وليس في الزواج حتى أضحى الزواج في آخر أولويات الفتاة، بل لم يعد يمثل لها مطلبًا، ولكن يومًا ما سيكون مطلبًا وملحًا لأن الفطرة مهما غيبت، يومًا ما ستعود، هكذا علمتنا الحياة، ولات حين مندم، وبالتالي لا بد أن يكون هناك تنظيم شامل في المجتمع لإعادة مؤشر البوصلة إلى وضعه الطبيعي الذي كان عليه، فخروج المرأة للعمل بهذا الكم ليس طبيعيًا أو أمرًا محمودًا، لأن البيوت لا تقوم ويستقيم أمرها إلا بوجود أم ترعى البيت والأطفال، وتشرف بنفسها على كل صغيرة وكبيرة، وما نحن إلا جيل هو نتاج لأمهات فاضلات وربات بيوت من الطراز الأول، وليس من رأى كمن سمع. وعندما طرحت موضوع التعدد كحل لمشكلة العنوسة بعد أن أصبحت واقعًا نعيشه، ويقض مضاجعنا، ويؤلم قلوبنا على زهراتنا اليافعات، ليس من باب الاستعراض، ولكن من باب وضع الحلول، فكل عانس إما ضحية إكمال الدراسة وإما ضحية أب متعنت لا يفكر إلا بنفسه ومصلحته الشخصية، وعلينا جميعًا محاربة الأفكار الدخيلة على مجتمعنا، فالله سبحانه وتعالى خلقنا لعمارة الأرض، ولكي يتم ذلك فنحن نحتاج إلى العنصر البشري وهو ما لا يتحقق توفره إلا عن طريق الزواج الشرعي الذي ميزنا عن الأمم الكافرة حيث تنتشر الفواحش فيها بشكلٍ مخيف، وأصبح الزواج هو الاستثناء والعياذ بالله، فلماذا نقف مكتوفي الأيدي وقد أباح الله للمسلم أن يتزوج أربعة ولكن على كل من يجد في نفسه الكفاءة والملاءة المالية، فليس المقصود مما أثرت أن يهب كل من لديه الرغبة فقط في الزواج ولكن كل من لديه الرغبة والقدرة على العدل وتوفير المسكن المستقل والمصروف لكل بيت، واعلم أيها الرجل المعدد، أنك هنا إنما توقع عقدًا مع الله فسوف يكون مطلعًا عليك، فإما تقدم وأنت أهل لما أقدمت عليه، أو أحجم وأنت مرفوع الرأس، وعلى الفتيات ممن وقعت ضحية الانتظار القسري، أن تتفهم أن الزواج على زوجة أو أكثر لا يقلل من قيمتها البتة، ما دام من رجل مسلم مقتدر، وعادل وفي بيت مستقل ومصروف مجزٍ، بل ربما توفرت فيه أسباب السعادة التي كانت تحلم بها، فضلاً عن كونه إحياء لسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. فلتقدم عليه ولكن بنية طيبة وسيكون التوفيق حليفها بإذن الله. وماذا عنكن يا نساء الشورى، وبعد أن قدمت ما لدي، تُرى هل لديكن الحل المناسب لمشاكل المرأة التي تجعلها تقدم على الزواج من دون وجل، عوضًا عن أن تستهلك شبابها في مواصلة التعليم الذي هو فرض كفاية بعد أن تنال منه القسط المناسب؟ وهل التفكير في البيت والأسرة هو الشغل والعمل الحقيقي الذي يجب أن تفكر فيه المرأة؟ وفي المقابل، ما القرارات التي يمكن لصانع القرار أن يتخذها لتوفير ما نحتاج إليه من تخصصات لا بد للمرأة أن تتبوأها، وفي الوقت نفسه، تمكنها من بيتها وأبنائها كما تقدم. أعتقدُ يا نساء الشورى أن الوقت قد حان لنفكر بجدية بأن مستقبل المرأة المسلمة، ليس في ممارستها الرياضة والمشاركة في سباق مائة متر تتابع، والسباحة ولعب كرة السلة، أو التفرغ للتمثيل والمسرح والسينما، أو الحصول على رخصة قيادة للسيارة، فهذه أمور لا قيمة لها، متى ما وضعت في كفة ووضع في الكفة المقابلة الزواج والأطفال والأمومة والأسرة، والبيت، وتربية الأبناء ورعايتهم، تُرى كم من المال يساوي تربية طفل أو طفلة، تربية صالحة؟؟ فماذا أنتن فاعلات يا نساء الشورى حيال ما قدمت له؟ أنتظر منكن ومن غيركن الإجابة.. والله يرعاكن.