"كنت مصدومة للغاية"، هكذا وصفت بيرناديته فريش (ليس اسمها الحقيقي) حالتها في ذلك اليوم قبل عامين عندما تم تشخيص إصابتها باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. وأضافت فريش (30 عاما) أنه خلال طفولتها في منطقة فرانكونيا الألمانية لم يربط أحد قط سلوكها باضطراب فترة الطفولة الشائع الذي يمكن أن يمتد حتى فترة المراهقة والبلوغ، وعلى النقيض كانت تبدو عكس أي طفل مصاب ب"اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط" فكانت بطيئة وحالمة وغير مستقرة وخرقاء. ولكن مشكلاتها زادت خلال دراستها الجامعية حيث عانت من حالة من القلق والاكتئاب وأصيبت تقريبا بانهيار عصبي بسبب بعض المشاكل مع أحد أساتذتها. وقبل عامين اقترح أحد الأطباء النفسيين أن تخضع لفحص اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. وجاء التشخيص بعده. ويظهر هذا المرض في البالغين بشكل مختلف عنه في الأطفال، حسبما قال أندرياس رايف مدير القسم النفسي والطب النفسي الجسدي والعلاج النفسي في مستشفى جامعة فرانكفورت وهو خبير أيضا في اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في البالغين. وأشار رايف إلى ثلاثة أعراض رئيسية: الارتباك والسلوك العفوي والصعوبة في تنظيم الانتباه والحالة المزاجية، وينعكس ذلك على المريض إما بالتشتت بسهولة جدا، أو الإفراط في التركيز في أشياء تثير اهتمامه. ويمكن أن يكون الإفراط في التركيز شيئا ثمينا في بعض المجالات مثل الرياضة، فقد جرى تشخيص السباح الأمريكي مايكل فيلبس الفائز ب18 جائزة ذهبية أولمبية بأنه يعاني من "اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط" وهو في سن التاسعة. وتقريبا نصف الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يتخلصون منه عند الكبر، وأغلب النصف الآخر يحتفظون بأعراض معينة لا تلاحظ سريريا، وقال رايف :"15 بالمئة فقط لديهم أعراض سريرية ملحوظة أي نحو 1 بالمئة من السكان". وعادة ما يتخفى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في البالغين وراء حالات طبية مصاحبة، حسبما أشارت سارة كيتل-شنايدر وهي طبيبة نفسية في قسم رايف، وقالت إن الكثير من البالغين من مصابي المرض يعانون من الاكتئاب واضطرابات القلق أو الإدمان. وأوضحت :"إنهم يستنفدون الكثير من الطاقة من أجل ممارسة حياة طبيعية، وبالتالي تزداد مخاطر معاناتهم من اضطرابات عقلية أخرى". وذكرت دراسة دانماركية نشرت مؤخرا في المجلة البريطانية الطبية (ذا لانسيت) أن المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يكون متوسط أعمارهم أقل واحتمالات الموت المبكر لديهم تكون ضعف الأفراد العاديين الذين يموتون في الحوادث على سبيل المثال. والآن تعالج فريش بمزيج من العقارات والعلاج النفسي، وتتعاطى عقار ريتالين (ميثيلفينيديت) الذي يثبط شهيتها ولكن يجعلها أكثر هدوءا ويساعدها على تنظيم انتباهها بصورة أفضل، وببساطة يمكن القول إن معرفتها أن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط هو السبب وراء مشكلاتها الشخصية ساعدها بصورة كبيرة.