تخرج (معزي) من دار الحديث المدنية، التابعة للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهي تعادل شهادة الكفاءة المتوسطة آنذاك. ورغم أنه كان في الـ(16) من عمره إلا أن أشهر زملائه قد جاوز الـ(30) وهو (جهيمان) ما غيره! إذ لم يكن السن محدداً في المدارس وقتها. أما أشهر أساتذته فهو إمام المحدثين المعاصرين (ناصر الدين الألباني) ما غيره برضو! لكن (معزِّي) تأثر أكثر بأستاذه الآخر، الواعظ والمفسر المؤثر (عطية محمد سالم)، وحرص أن يتغيّا غايته السامية، في توعية الناس البسطاء بأمور دينهم الحنيف، بعيداً عن الأهواء والتيارات الآيديولوجية، التي لم تزد الناس إلا ضلالاً عن ذكر الله، وغفلةً عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم! ولهذا قرر فور تخرجه، أن يعود إلى البادية، ليس لأنه ينتمي إليها، والأقربون أولى بالمعروف وحسب؛ بل لأنه يعي قوله تعالى: {الأعراب أشدُّ كفراً ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله..}! فقد رأى ـ وهو طالب ـ من عدَّدَ بأكثر من أربع! ومن تزوج أخته بالرضاعة، وأنجب منها دفعةً من (يأجوج ومأجوج)؛ جهلاً بالأحكام الشرعية! ولم يكن بحاجة إلى جهدٍ ليكسب ثقتهم؛ فالبدو مفطورون (أكثر من الفطرة الدينية) على تقدير المطاوعة ورجال الدولة! وليس لديهم ما يعبرون به عن حبهم (لمعزّي) أكثر من تزويجه مثنى وثلاث ورباع؛ ليحقق نظريته في التعدد؛ حيث يرى أنه من (الواجب) أن يتزوج الرجل واحدةً عن كل (10) عشر سنوات، فإذا بلغ الأربعين صفَّر العدَّاد وبدأ من جديد! وبعد سنين أصبح له تلاميذ ومريدون، لا يكتفون بتلقي ما يقول دون نقاش؛ بل يردون عليه ويجادلونه، ويرفعون فيه الشكاوى إن شطح عن الصراط! كما حدث حين تلا قوله تعالى: {....حتى تَنكِحَ زوجاً غيره}! ووجه اعتراضهم: أن النكاح لا ينسب للحرمة! والصواب في نظرهم: (تُنكَح) ويُخُبْ علاها بعد! أما (معزي) فقد انتبه إلى أنها الآية الوحيدة التي تسند النكاح إلى المرأة، واستند عليها (أبو حنيفة) في جواز الزواج من دون ولي، وجواز أن تكون العصمة بيد المرأة! ولكن الاكتشاف الأخطر أن المقصود بـ(الأعراب) ليس أبناء البادية فقط!! نقلا عن مكة