أحسن الزملاء في جريدة الرياض في عرضهم لتقرير مثير للاهتمام والدهشة، يصف حال الخدمات الصحية في منطقة الحدود الشمالية بتاريخ 6 جمادى الأولى 1436ه. أشياء تدعو للأسى بل تدعوك إلى التفكير عن وجود خدمات صحية مقبولة في الأصل، فلا مستشفى تخصصياً معتبراً ولا مختبراً إقليمياً. ولك أن تتخيل حالة الخدمات الصحية الأخرى في عدم وجود الأساسيات كالمستشفى التخصصي والمختبر. الملفت بالتقرير ما ذكره رئيس جمعية المستشفيات الخاصة بالأردن بان عدد المراجعين السعوديين للخدمات الصحية في الأردن بلغ حوالي 60 ألف سعودي عام 2014 منهم 20 ألفاً تم تنويمهم في المستشفيات الأردنية! لك أن تتصور مناطق مثل الحدود الشمالية والجوف يقل عدد سكانها السعوديين في المنطقتين عن 350 ألف مواطن لكل منهما ومع ذلك 60 ألفاً تقريباً يراجعون المستشفيات الأردنية !أي ما يعادل السدس. وإذا أضفنا لذلك أن التركيب الديمغرافي للمملكة والتي يشكل الشباب حوالي ثلثي السكان أي انهم الفئة الأقل مراجعة للمستشفيات فإن ذلك يعني بشكل تقريبي أن واحداً من كل اثنين من الفئات المحتاجة للعلاج زار الأردن وبما أنهما منطقتان فإن واحداً من كل أربعة مرضى ربما زار الأردن للعلاج. أما الأسباب في نظر الجميع مركزية وهذا يقودنا لوزارة الصحة. لقد فرحنا عندما تم تعيين إداريين غير أطباء للصحة لأننا نعتقد أن ليس كل طبيب ناجح من الممكن أن يصبح إدارياً ناجحاً تلقائياً. مع أن هذا الرأي قد يزعج الزملاء الأطباء لكن هذه هي الحقيقية لأن الإدارة علم وموهبة. لكن ما السبب في مرور عدة وزراء متعاقبين على الصحة والخدمات الصحية مكانك قف! السر يكمن في أن رأس الهرم يتغير لكن العقليات والفريق الذي تحته لم يتغير منذ عقود وهنا تكمن المشكلة! وهم الفريق الذي أطلق عليهم (المكبلين)، فكلما أتى مسؤول يريد التغيير كبلوه بالسياسات القديمة والتعاميم والبيروقراطية وأضف إلى ذلك طرقهم التي لا تنتهي لتضيع الوقت وتشتيت الجهد حتى يرضى المسؤول المتحمس بالأمر الواقع. وأجمل وصف للحالة ما قاله الدكتور غازي القصيبي رحمه الله (محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكاراً قديمة هي مضيعة للجهد والوقت). هؤلاء لو كان لديهم أي شيء يقدمونه لقدموه منذ عشرات السنين ولما كانت حالة الخدمات الصحية بهذا الضعف بالرغم الدعم الهائل من القيادة والميزانية المضاعفة. إن أول خطوة بالطريق الصحيح لتطوير الخدمات الصحية هي بتغيير الطاقم ، فاذا كانت عدة عقود من الطريقة القديمة في إدارة الصحة لم تأتِ بالنتائج المأمولة، فحان الوقت لاستخدام طريقة جديدة وطبعاً الطريقة الجديدة تحتاج لعقليات جديدة لتطبيقها. بطبيعتي أنا واقعي ولا أنتظر أن تتغيير الخدمات الصحية بين ليلة وضحاها ولكن الأهم الخطوة الأولى وهي الأفكار الجديدة والفريق الجديد، ولست في وارد المقارنة بين بقية العالم المتقدم صحياً وما لدينا ولكن أكتب هذا كمواطن قبل كل شيء يتمنى أن يرى الصحة في بلده بأعلى مستوى.