ويسميه البعض بالاقتصاد الخفي أو التستر التجاري، وببساطة أكثر هو أي نشاط اقتصادي لا يسجل رسميا يقوم به أجنبي، سواء بتمكين من مواطن أو مستثمر أجنبي باستخدام سجله التجاري أو توكيله أو باستغلال رخصة استثمار الأجنبي، أو حتى باتفاق غير مكتوب وهو الغالب. تجده ليس فقط في «بسطات» الشوارع، بل يصل للشركات الكبيرة، وإن تركز في المنشآت الصغيرة التي تشكل 90% من إجمالي أنشطتنا التجارية وكثير منها وهمي، وحيث يتواجد 70% من العمالة غير النظامية (المدينة، 7 مارس الجاري). وبرغم أن أربع جهات حكومية تتابعه ــ حسب تصريح وزارة التجارة ــ إلا أنه ما زال ينمو ويتمدد بنسبة تبلغ 7% سنويا، ويقول خبراء إن مؤشراته تكاد تلامس 10% حاليا، وقد سعدت مؤخرا بمشاركة جمع من هؤلاء الخبراء في ندوة نظمتها صحيفتنا عكاظ، واستفدت كثيرا من آرائهم، إلا أنه ــ بظني المتواضع ــ يحتاج دراسات مراكز بحثية لوضع آثاره الخطيرة موثقة بأرقام وإحصاءات لتتم مكافحته بشكل صحيح ومباشر وليس الاكتفاء بمتابعته وحسب. وحقيقة لا يمكن الحديث، في عجالة صحفية كهذه، عن آثاره السلبية اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، غير أنها تستحق أكثر من نشرات التوعية والنصح والإرشاد التي تصدرها بعض الجهات الحكومية، يحتاج وضع وإضافة نظم جديدة للقضاء عليه، أقله الحد من آثاره الضارة، فمعظمه يتم بالتحايل على الأنظمة القائمة والتي طال عليها العهد ولم تجدد وتراجع. يقيسه كثيرون بحجم تحويلات العمالة الأجنبية المقدرة بأكثر من 150 مليار ريال سنويا، وآخرون يستخلصونه من نموذج الطلب على العملة، وبعض يقيسه بعدد العمالة السائبة، وحتى تقديره بحوالي 300 مليار ريال سنويا يخسرها الاقتصاد الوطني نسبة إلى حجم التستر التجاري، لا تعتبر دقيقة؛ لأن بعضه ليس تسترا، كالعمل المنزلي من مواطنين ومواطنات للتكسب من عمل غير ممنوع، ولكنه لا يسجل رسميا، أو لم تنظم له قنوات تنظيمية بعد؛ كالعمل من خلال الكمبيوتر لبيع سلع أو خدمات فردية. أسبابه كثيرة ومتعددة، لعل أهمها اختلال مستوى الدخول الشرعية وارتفاع معدل الفقر لعدم قدرة الاقتصاد على تلبية طلبات ورغبات النشاطات المضافة لتنمية الدخول، أو لتعقيد إجراءات ذلك، ومنها ارتفاع مستوى العمالة السائبة، رسميا لدينا حوالي 8 ملايين عامل أجنبي، غير أن انتشارهم بالأسواق والشوارع يشي بأعداد أكبر، ومنها ضعف النظام الضريبي وضعف الرقابة عموما.