×
محافظة المنطقة الشرقية

«أبل» تزيح الستار عن حاسب MacBook المحمول الجديد

صورة الخبر

في قراءة استراتيجية عسكرية لعمليات النظام السوري، منذ أربع سنوات، وإلى حد الآن، يكشف جيفري وايت الزميل للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن والضابط السابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية عن أنه من غير الواضح ما إذا كان النظام سيحقق أهدافه العسكرية الشاملة. ولكن الأكيد أن عمليات النظام وحلفائه من الميليشيات الشيعية موجهة ضد ثوار المعارضة وليست موجهة ضد تنظيم "داعش"، الذي يحاول النظام أخيرا تقديم نفسه كضامن وحيد للوقوف أمام تمدده. وبشيء من التفصيل يضيف وايت، في أوائل شباط (فبراير)، شن نظام الأسد وحلفاؤه هجومين كبيرين ضد قوات المعارضة في سورية. وقد استهدف الهجوم الأول مجموعات من الثوار تنفذ عمليات في جنوب وجنوب غرب دمشق، أما الثاني فقد طال ثواراً قرب مدينة حلب يحافظون على بقاء آخر خط اتصال لهم مفتوحاً مع المدينة. وعلى الرغم من أن القوات الحكومية وتلك الحليفة لها ناشطة في جميع أنحاء البلد، إلا أن هاتين العمليتين هما الأكثر أهمية بالنسبة إلى النظام في هذا الوقت، وليس أي منهما موجه ضد قوات تنظيم "داعش". وحتى الآن، أحرز هاذان الهجومان تقدماً بطيئاً ضد المعارضة الشديدة من قبل الثوار، ومع ذلك، فإن العمليات تتناسب جيداً مع الاستراتيجية العسكرية التي انتهى الأمر بالنظام إلى تطبيقها بعد أربع سنوات من القتال. وعن الاستراتيجية العسكرية للنظام، يشكل الاستنزاف والتموضع، بحسب وايت، عنصرين من العناصر الرئيسة في مقاربة النظام. إذ تسعى هذه المقاربة إلى إنهاك قوات المعارضة وإرادتها، وستقوم بذلك من خلال إلحاق خسائر مادية ومعنوية بها في القتال المتواصل، حتى ولو لم تكن تلك الاشتباكات شديدة أو حاسمة بالضرورة. كما تهدف إلى السيطرة على المراكز الرئيسية، مثل عواصم المحافظات والمطارات والنقاط المحصنة وخطوط الاتصال والأراضي المهمة، وذلك على المستوى الاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي. ومن الملاحظ هنا أن هذين العنصرين يخدمان بعضهما البعض. فالاستنزاف يسهل السيطرة على المواقع الرئيسة والاحتفاظ بها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى المزيد من الاستنزاف في صفوف قوات الثوار. إن هذه العمليات بطيئة حتماً ولا تصب دائماً في صالح النظام، لكنها أدت على العموم إلى تحقيق نجاحات مهمة على الصعيدين الهجومي والدفاعي وسط الفشل في بعض الأحيان. وفي سياق الحملات الأخيرة التي نفذها النظام وحلفاؤه يوضح وايت أن الهجومين في دمشق وحلب يوفران فرصاً ويمثلان مخاطر على حد سواء بالنسبة إلى النظام. فالحرب الطويلة التي يخوضها تتيح له العمل بشكل منهجي للحد من معارضيه، إذ يمكن له ترتيب أولويات أهدافه والعمل على تحقيقها من دون تسرع، وهو نوع من الصبر الاستراتيجي. ومع ذلك، كلما خصص موارد كبيرة لعملية ذات أهداف مهمة، لا بد له من تحقيق ما يكفي من النجاح الواضح لادعاء "النصر" وجعل هذا النجاح يستحق الخسائر الحتمية التي تكبدها. أما الفشل الواضح، كما كان الحال في محافظة الرقة في الصيف الماضي، فيؤدي إلى تعرض النظام لنكسات عسكرية وسياسية على حد سواء. يذكر أنه تم شن الهجوم على جنوب سورية، والذي تركز على ريف دمشق الغربي ومحافظة القنيطرة وشمال محافظة درعا، لأن جماعات الثوار المعتدلة والمتطرفة كانت تضغط على ضواحي دمشق الجنوبية وتهدد خط الاتصالات الذي يربط النظام بمدينة درعا. وقد كان النظام غير قادر على إدارة التهديد من خلال قواته النموذجية وقوته الجوية. أما في حلب، فقد كمنَ هدف النظام في استكمال تطويق المدينة وتخفيف الضغط على بلدتين شيعيتين كانتا محاصرتين من قبل الثوار. وبالتالي فإن النجاح هنا سيوجه ضربة قاسية للثوار من الناحيتين العسكرية والسياسية. بينما تهدف عمليات جنوب غرب دمشق وتحديدا "عملية شهداء القنيطرة" التي أُطلقت في 7 شباط (فبراير) إلى تطهير سهل حوران الشمالي من قوات الثوار واستعادة سيطرة النظام على محافظة القنيطرة، بما في ذلك عاصمتها. ووفقا لوايت فإنه يبدو أن الهدف التكتيكي الأساسي هو تل الحارة، وهي أرض مهمة يسيطر عليها الثوار. وفي هذا الإطار، ذكر أن النظام خصص لهذه العملية نحو 4000 إلى 5000 مقاتل، وتم دعمهم بعمليات إطلاق نار - جوية وأرضية - ثقيلة. وقد ادعت مصادر المعارضة وتلك المرتبطة بالنظام أن عناصر من الفرقة التاسعة والسابعة والخامسة من الجيش النظامي شاركت في المعركة، إلى جانب جنود غير نظاميين من "قوات الدفاع الوطني" و"حزب الله" و"فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، والشيعة العراقيين والأفغان. وقد شددت مصادر المعارضة على الدور الذي لعبه "حزب الله"، في حين شددت المصادر المرتبطة بالنظام على دور وحدات الجيش النظامي. وعلى أي حال، أصبحت تركيبات القوة المماثلة تشكل الصيغة النموذجية لعمليات النظام المهمة منذ حملة القصير الناجحة في ربيع عام 2013. ومن الناحية التكتيكية، اعتمد النظام على القوة النارية الثقيلة التي تقدمها وحدات الجيش النظامي وقوات المشاة الماهرة التابعة لـ "حزب الله". وقد أظهرت أشرطة الفيديو "المجموعات القتالية" التابعة للنظام التي تتألف من مدرعات ومدفعية وقوات نظامية وغير نظامية وهي تشارك في الهجوم. وتلجأ وحدات النظام وحليفاتها إلى القصف لإضعاف قوات الثوار، وإلى التسلل ليلاً للتغلب على مراكز الثوار المحصنة، والهجوم المباشر عند الضرورة للاستيلاء على المواقع. بعد تحقيق النظام لبعض النجاح الأولي من خلال عامل المفاجأة، تباطأ تقدمه، ولكنه لا يزال يضغط على المدافعين ويحرز تقدماً مدروساً. وقد ألحق بعض الإنهاك - وربما أحدث استنزافاً كبيراً - في صفوف قوات الثوار واكتسب بعض المواقع في قمم التلال والقرى. يُذكر أن النظام لم يقترب بعد من تحقيق أهدافه الرئيسة، ولكن يبدو أنه مستعد لمواصلة الهجوم لبعض الوقت، والتغلب ببطء على المدافعين والاستيلاء على المزيد من المواقع. وعن عمليات شمال حلب يوضح الخبير الاستراتيجي جيفري وايت، بدأت عملية حلب في 17 شباط (فبراير) عندما غادرت قوات النظام مواقعها التي أقامتها شمال المدينة وحاولت أن تتقدم غرباً. وقد كمن هدفها في قطع خط الاتصال الأخير الخاص بالثوار والوصول إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين المحاصرتين. وذُكر أن القوات المشاركة شملت عناصر من الجيش النظامي و"قوات الدفاع الوطني" وميليشيا "حزب البعث" و"حزب الله"، فضلاً عن مقاتلين إيرانيين وفلسطينيين وأفغان. وقبل بدء العملية، أفادت التقارير أنه تم إرسال تعزيزات مدرعة من محافظة حماة لتعزيز القدرات الهجومية للنظام، ويُقال إنه تم توفير مجموعتين إضافيتين من التعزيزات منذ بدء الحملة. كما تشير المصادر إلى أن أحد قادة النظام الأكثر فعالية، العقيد سهيل الحسن، قد أرسل إلى هناك. وقد تركز القتال على المدن الرئيسة (حردتنين، ورتيان، وباشكوي، والملاح) والمناطق الأكثر انفتاحاً من حولها (مزارع الملاح). وقد استعملت قوات النظام نفس التكتيكات المستخدمة في الهجوم على الجنوب: القصف، والتسلل، والاعتداء. كما شنت عدة ضربات بصواريخ أرض- أرض على المدن التي يسيطر عليها الثوار. ولعبت حالة الطقس دوراً هنا أيضاً، حيث إن ظروف الطيران المتردية حدت من الدعم الجوي في بعض الأحيان. ووفقاً للتقارير فرضت قوات النظام استنزافاً شديداً على الثوار ولكنها تكبدت خسائر كبيرة أيضاً، وخاصة في صفوف "قوات الدفاع الوطني" والعناصر المتحالفة المستخدمة في إطار الدور الهجومي. وفي حين أن أعداد الضحايا في هذه الحرب مشكوك فيها بشكل متواصل، فإن الجانبين قد عانيا بشكل واضح في هذه المعركة. فالتعزيزات التي أرسلت إلى حلب تشير بالتأكيد إلى أن النظام قد تكبد الخسائر، ولكنها في الوقت نفسه تظهر عزيمة الأسد على تحقيق النصر في تلك المنطقة. من حيث التموضع، يؤكد وايت أنه تم دحر المكاسب الأولية المهمة للنظام بشكل ملموس من خلال الهجمات المضادة التي قام بها الثوار، إذ خسرت قوات الأسد ثلاث قرى من القرى الأربع التي كانت قد سيطرت عليها. ومع ذلك، يحتفظ النظام ببعض الأراضي التي احتلها ويبدو أنه سيواصل هجومه، كما هو الحال في الجنوب. أما من حيث التداعيات فلا يزال الهجومان مستمرين، لذلك من الصعب تقييم التقدم المحرز. وفي هذه المرحلة يبدو أن النظام قد حقق بعض النجاحات التكتيكية، ومع ذلك يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكانه تحويلها إلى نجاحات عملياتية كبرى. ولكن، كما في الماضي، يبدو أن النظام ملتزم ويمكن أن يحقق انتصاراً في النهاية على الرغم من التباطؤ. على سبيل المثال، استمرت حملة القصير نحوتسعة أسابيع، من نيسان (إبريل) إلى حزيران (يونيو) 2013، مع بعض النكسات قبل أن تحقق قوات الأسد أهدافها الرئيسية. وبالتالي، أياً كانت النتيجة، فإن النظام يحاول تعزيز مكاسبه، حتى ولو كانت محدودة، والاستعداد لبذل الجهود المستقبلية، وذلك في ظل إيقاع قاس ومتأن لعمليات النظام، كما كان الأمر في القصير. وفي الواقع، تُعتبر النجاحات الصغيرة مهمة للنظام وحلفائه في هذه المرحلة. فبعد أربع سنوات من الحرب، تدرك دمشق أنه لا يمكنها الفوز وهي في عجلة من أمرها، ولكنها قد تكون قادرة على الانتصار من خلال الاستنزاف والجهود المستدامة للاستيلاء على مواقع مهمة والإبقاء عليها في جميع أنحاء البلاد. ويفرض ذلك حرباً طاحنة على الثوار، الذين ما زالوا منقسمين، ومجردين من القيادة المتماسكة، ومن دون حلفاء خارجيين أقوياء، وبالتالي غير مناسبين تماماً لمقاومة نهج النظام الطويل الأناة. ويكمن الخطر هنا في أنه حتى من دون تحقيق انتصارات مذهلة في المعركة، لا يزال بإمكان النظام أن يحقق النصر في الحرب. وأخيرا، سيتم تحديد النتائج، إلى حد كبير، وفقا لوايت، من خلال قدرة كل من النظام والمعارضة على تعبئة الموارد الداخلية والخارجية لهذه الحرب الطويلة. وقد يمتاز الثوار بإمكانات القوى البشرية الداخلية، ولكن النظام يتمتع بمزايا على صعيد دعم الحلفاء وقدرته على تنظيم القوى البشرية وتدريبها وتجهيزها. إن طبيعة الحرب البطيئة لا تزال توفر الفرص لأولئك الذين يرغبون في منع انتصار النظام، ولم يفت الأوان بعد على بناء قوات فاعلة من الثوار.