×
محافظة جازان

مصرف سويسري يغلق أبوابه بسبب التهرب الضريبي

صورة الخبر

إن ما يُخفِّف من واقع بُعدي عن مكّتي المكرّمة؛ ذكريات موسم الحج التي تجرّني وراءها، لحظات أستعيدها كالملهوفة ببراءة، كفيلم صامت دون مؤثرات صوتية؛ لحظة تكشف الروح فيها عن دفئها، يتمنّى المرء فيها لو أن الزمان توقّف.. هذه اللحظة التي أحيانًا لا أجرؤ فيها على أن أتنهّد، أو أُحرِّك جفني حرصًا على عدم انفلات جزء من لحظة عشتها مع والدي في مواسم الحج المباركة، فقد كانت الأسر المكّاوية تُؤجِّر بيوتها على الحجاج، وتسكن الأسرة في جزء من البيت في جو حميم ومناخ عائلي.. جو فيه الكثير من الروحانية والمحبة والألفة في دارنا المكّاوي بقرب الحرم، تتطاير الصور أمام عيني.. أتذوّقها ولا أبتلعها حتى أتمكن من لملمتها لكم، تتبعني الصور كابتسامة مُتردِّدة أتشمّمها بعذوبة، فلها رائحة أيّام كُنَّا نكتسب فيها الكثير من ثقافة الحجاج والتعامل معهم، تتأثر أفكارنا وتنعكس ثقافة حياتية متنوعة رغم صغر سنّنا، وكان اطلاعنا كبيرًا على كل ما يحيط بنا من دون حدود أو فواصل. هذا الموسم ذهبتُ لزيارة مدينتي، أبحث في أماكن حياتنا في مثل هذه الأيام.. مكّتي التي في خاطري التي يأتيها الناس من كل فج عميق.. كان هتان المطر يغسل القلب، فتستيقظ ذكريات والدي -رحمه الله- في الحج في مشاعري، الأب الذي يُمثِّل له الحج موسمًا، وخدمة الحجيج موسمًا، والبيع والشراء موسمًا، وكل يوم في مكّتي كان له موسم، ذكريات الحجيج مختلفة، وفي مذاقها أبعاد حضارية. لقد خطت يد والدي في حياتنا فنًّا جميلاً في أرقى تجلّياته نحو معاني الحق والخير، والجمال والمعرفة والتنوير، وخدمة الحجيج حوّلها إلى سيمفونية فرح في حياتنا. أغمضتُ عيني سابحة خلف ذكريات الحج في مكّتي.. فأبحث في الأماكن عن دكان والدي في سوق الصغير.. أبحث عن تلك الحوانيت القديمة.. "عصيرات الدوكي"، "حلويات شهاب"، "الكعكي للصرافة". كنت أهيم في الطريق كطفلة نساها الجميع.. داهمني المساء في بيت العائلة، لكن والدي -رحمه الله- لم يكن موجودًا في موسم الحج، وبيتنا القديم غير موجود، وسوق الصغير غير موجود، تَذكَّر دائمًا عندما تفقد الأمل وتعتقد أنها النهاية؛ أنها مجرد مُنعطف وأنها ليست النهاية. A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain