استخدمت الحكومات المستبدة في العالم العربي صوت شعوبها ضد دول الخليج، وعملت على تعبئة الشارع العربي بثنائية الخيانة والتحرر من نفوذ الأجنبي، وحافظت على سيطرتها على مقاليد الحكم ومقدرات الشعوب من خلال وعود استرجاع الكرامة المسلوبة التي أهدرتها دول النفط كما زعموا، حتى غدا المواطن العربي الذي يعمل في دول الخليج رهينة لخطابات التعبئة القومية، ونحّى تجربته الخاصة عن مكان تواجده التي جعلت منه كائناً منتجاً ومتطوراً لحساب وهم تربى عليه وعجز أن يكسر حواجزه الوهمية ليطل على الحقيقة، فأصبح الخليج مكاناً لجمع المال وساحة سياسية لرمي الذنوب والموبقات القومية، " إكسب والعن " بعد الثورات العربية كان هناك ملمح ايجابي واضح في الشارع العربي، فبعد إسقاط الحكومات التي كانت تستغل شعوبها، وتوجه أصواتها الغاضبة نحو الخليج، أصبح صوت المواطن حراً يتوجه نحو وجعه الخاص وأمله الصحيح، ففي اليمن كان النظام السابق يستغل صوت المواطن اليمني بطريقة منحرفة ليكسب من ورائه زمناً جديداً في الحكم، اليوم يطل المواطن اليمني الحر على الساحة السياسية وعبر عن رغبته في إقامة شراكة حقيقية مع مجلس التعاون، وأصر على تمسكه بالمبادرة الخليجية كأساس تنطلق منها لقاءات الحوار حول أزمته السياسية والوطنية، فقد اطمأن الإنسان اليمني من سلامة المقاصد الخليجية في الدخول في شأنه المحلي الخاص، وعادت له حكمته المنهوبة منذ أكثر من ثلاثين عاماً. الشعب اليمني تقدم بإرادة حرة نحو مجلس التعاون حيث انتماءه ومصالحه، ورفض الاحتلال الفارسي لأرضه والتصرف في تاريخه وجغرافيته - كيف يشاء المحتل - وعمل على تعطيل إشعال الحرب المذهبية في بلاده، وذهب مباشرة لعدوه المتربص بهويته، ليمنع سياسة استغلاله، فاستخدام المذهب لضرب الشعب بالشعب حيلة نجحت في العراق ولبنان، وسوف تسقط في صنعاء، فالرهان على المذهب وتدنيس الانتماء العربي سياسة مكشوفة ومحروقة في الشارع اليمني، ولذا كان التوجه نحو الهوية العربية أمراً مرضياً وطبيعياً لحل الأزمة اليمنية.. الانتماء اليمني لمجلس التعاون الخليجي انتماء كان معطلاً لأسباب سياسية صنعها النظام السابق واستخدمها لصالحه، واليوم ليس المطلوب العودة لهذا الانتماء لحل الأزمة وحسب ولكن أن تكون العودة لمشروع كامل يدعم المصير المشترك ولا يلتف عليه، ولعل وراء هذه الأزمة تسكن منجزات مطلوبة للحفاظ على الهوية العربية من عبث المحتل الفارسي، فالشعب اليمني عبّر بحرية عن انتمائه الخليجي الذي يجب أن يتطور ويصبح مشروعاً أصيلاً في السياسة الخليجية، فاليمن الخليجي مطلوب إنقاذه خليجياً، وعلى الشارع اليمني أن يرفع صوته أكثر في انتمائه فبعد أن زالت حواجز المنع والاستغلال، لابد من لغة تعبير مصيرية يطلقها الشعب اليمني ويصدح بها أمام كل من يشكك فيه. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net