×
محافظة المنطقة الشرقية

الداخلية تطرح رؤيتها الإستراتيجية حول مستقبل التعاملات الذكية

صورة الخبر

تناقل المبتعثون السعوديون للدراسة في الخارج أمس وأول من أمس أخبار إلغاء إمكانية طلب ترقية البعثة للمرحلة التي تليها، واختفاء الأيقونة على موقع الوزارة وسط تضارب الآراء بين مؤيد لقرار الوزارة ومعارض له. برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي كان نقلة نوعية في تاريخ التعليم السعودي والإنسان السعودي بشكل عام، بحيث تجاوز عدد المبتعثين الخمسين ألفا في أميركا وحدها وقرابة أربعة أضعاف الرقم في بقية دول العالم، وأسهم في نقل خبرات مدارس عالمية متعددة. لا ينكر أحد أهمية البرنامج لمستقبل المحصول العلمي، ولكن لا ينكر متابع أيضا أن هذا البرنامج الملياري يحتاج إلى إعادة هيكلة وصياغة، فقد ترهل وآن أوان إصلاح اعوجاجه. أذكر أننا في أحد لقاءات زملائي رؤساء الأندية الطلابية السعودية بفرجينيا في 2010 تحدثنا كثيرا عن ضرورة إصلاح برنامج الابتعاث والأخطاء التي تقوم بها الملحقيات التعليمية، ودائما ما نتابع في مواقع المبتعثين القصص التي تضج بإهمال الملحقيات التعليمية والثقافية في الخارج. حتى المشاهير وكتاب الصحف لم تقف الملحقيات إلى جانبهم، وكاد يتم توقيف البعض وإلغاء تأشيراتهم بسبب عدم تجاوب الملحقية، كما حدث في قصة الزميلة الكاتبة ناهد باشطح وهي ما زالت طالبة في مقالها المنشور العام الماضي. احتفاظ الوزارة بحق الموافقة ورفض طلبات ترقية البعثة بداية الإصلاح الحقيقي لإنهاء الإهمال الذي يعتري بعض الملحقيات عن طريق تقديم أسوأ الخدمات للطلاب، وكانت ترقية البعثات تتم الموافقة عليها أو رفضها بمزاجية وبناء على الشللية والمعارف. حين يتم ابتعاث طالب لدراسة تخصص معين فيفترض أن ينهي بعثته وينتهي الصرف على هذه البعثة، وحين يرغب في مواصلة الدراسة يتم التقديم مجددا حتى يتم القضاء على الفساد المالي المسمى بـ(ترقية ومغط البعثة قد ما تقدر) من أجل تعليم أفضل. إطلاق الابتعاث هكذا على مصراعيه كان خطأ كبيرا دون دراسة احتياجات السوق والحاجة الحقيقية من التخصصات العلمية للإسهام في مسيرة البناء والتطوير. في برنامج الابتعاث وفي السنوات الأخيرة، أصبح كل من أراد أن يقيم سنة أو ما يقاربها يقوم بطلب ترقية البعثة، والملحقيات كان لديها الحق في الموافقة وإن كانت شكليا من الوزارة. ربما تكون إزالة تلك الأيقونة مقدمة لتغيير في سياسة برنامج الابتعاث بشكل واسع بحيث يؤخذ في عين الاعتبار قصر الابتعاث على مراحل الماجستير والدكتوراه لغير التخصصات العلمية كقرار مستحق. ترقية البعثة من الناحية النظرية خطأ، فقد كان معهد الإدارة يشترط لترقية بعثة الطلاب أن يعود المبتعث إلى السعودية ويعمل في خدمة المشهد التعليمي بعدد السنوات التي أمضاها المبتعث في الدراسة بالخارج، ومن ثم يستطيع العودة مستقبلا في بعثة جديدة. والمبتعث كذلك لا بأس أن يعود ليسهم في العمل ونقل تجربته للداخل نفس عدد السنوات ثم يعود مرة أخرى. الوزارة لم تسهب كثيرا في موقعها أو على لسان متحدثها بشرح القرار، فالبعض فهم أنه يشمل فقط حصر إدارة ملف ترقية البعثات بالوزارة وسحب صلاحية الملحقيات، والبعض ذهب أبعد من ذلك ليقول إن الفكرة نفسها تم إلغاؤها، بمعنى لم يعد هناك وجود لإكمال الدراسة ودمج مرحلتين، ولن تكون هناك ترقية بعثة لأي طالب من الأصل كتفسير لحذف الأيقونة. بعد دمج الوزارتين التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم لتصبح وزارة التعليم أعتقد أن الدور المطلوب من وزير التعليم الجديد معالي الدكتور الدخيل أن يبقى خيار ترقية البعثة موجودا ومعمولا به، ولكن تلك الترقية تكون إجراءاتها عن طريق وزارة التعليم، وهي من تحدد التخصصات التي ينبغي للطلاب دراستها، وليس كما كان يحدث بحيث تتم ترقية البعثة لتخصص أحيانا لا لزوم له. إن كانت تلك إرهاصات للتعديل في أنظمة الابتعاث فلنأمل أن يكون من ضمنها إقرار عدة أشهر ابتعاثا داخليا يتم تزويد الطلاب بكل ما يلزم عن دولة الدراسة والجامعة والتخصص، وعدة أشهر كمقدمة لدراسة لغة بلد الدراسة.. إلخ. شهدت عشرات الحالات من الطلاب الذين يكونون قد أتموا السنة ولا يزال الطالب أو الطالبة في المستوى الثالث أو الرابع بينما يفترض أن يكون أنهى 12 مستوى، وكل بذلك بسبب الانتقال من معهد إلى معهد وكلية إلى كلية وخسارة عدة أشهر للانتقال من ولاية إلى ولاية بسبب عدم مساعدته بالمعلومات اللازمة. من الطبيعي أن تحدث نسبة من الأخطاء في أي برنامج كبير وضخم، فما بالك ببرنامج الابتعاث والتطوير، خاصة أنه ملياري استراتيجي دعمته الدولة ليعود أبناؤها مسلحين بشتى صنوف المعرفة، ولكن نسبة الخطأ ما زالت في دائرة المقبول. نرجو طبعا أن يكون هناك تغيير في سياسية الابتعاث، وأن تكون تلك التغييرات إيجابية تطويرية كأن يتم تقدير وضع كثير من الطالبات اللاتي يتلقين التعليم دون الحاجة إلى محرم، دون أن تكون الطالبة مضطرة لإلغاء بعثتها والعودة في حال عدم قدرة المحرم على الإقامة مع الطالبة بشكل دائم أو اللجوء للتحايل كما تفعل أغلب المبتعثات. ينبغي برأيي إصلاح الخلل الحاصل بين حصولك على قبول طلب الترقية وبين حصولك على قبول من الجامعة للماجستير أو الدكتوراه أيضا، فالملحقية توقف الصرف حتى تحصل على قبول رغم وجودك في بلد الدراسة. كلنا تفاؤل وثقة في عهد الملك سلمان بتطوير برنامج الابتعاث وتنظيم أكثر دقة، والتوسع في الابتعاث من حيث التخصصات الطبية بتركيز أكبر من الحالي.