×
محافظة مكة المكرمة

محافظ الطائف يدشن ندوة "الآفاق الاقتصادية والاجتماعية للسياحة في الوطن العربي"

صورة الخبر

بقدر قربه منا هو أبعد عنا من الأفق. نعرفه حيناً ونجهله أحياناً أخرى ولا ندري أينا يسيِّر الآخر! هو قلبنا الذي نعقل به، وهو قلبنا الذي يعقل بنا.. نقسو عليه فيزداد ليناً وتحنانا، ونلين فيتصلب! حيّرنا واحتار معنا. تحدث عنه الشعراء فأوسعوه لوماً وناشدوه القسوة وطلبوا رضاه وحكوا لنا عن غضبه وعدائه وحبه وعطفه، ومن جميل الشعر فيه قصيدة «حوار مع القلب» للشاعر العراقي أحمد الوائلي التي يتحدث فيها عن قلب تحتضنه أضلاعه يعرفه جيداً ويستنكر حالاته التي يخضع معه لها. إني عرفتك قلبي كلما يبستْ أطرافُ جسمي على عودي فأنت طَرِي تخضرُّ في الجمر ما هذي النقائض في دنياك تجمع بين الجمر والخَضرِ كالعود في النار عطر في تلهُّبِها فيالَمحترِقٍ في ناره عَطِرِ وإذ يُلحُّ عليك الضرب يتحفنا ترديدُ نبضِك بالأنغام كالوترِ يالهذه المضغة المستضعفة في تكوينها، الجبارة في فعلها، تتحدث فنصغي إليها وتأمرنا فنطيعها، ترق حتى تشبه ورق الورد، وتقسو كشوك القتاد. قد نعرف حيناً أسباب تقلب أحوالها، ونجهل كل الجهل أسباب تبدلها، ولا نملك إلا أن نستجيب لأمره. تفاجئنا تفانينه في قلب الأحداث، فالصغائر تكبر على أعتابه، والكبائر تتصاغر! فإذا استقبل الأذى حوّله إلى نغمٍ تتردد أصداؤه في كل القلوب وإلى عطرٍ يتبخر طيبُه كسحابة تظللهم! نقضي العمر في محاولات مستمرة لفهمه ونقول كما يقول الشاعر: يا قلبُ هل خطر الإنصافُ منك على بالٍ فأنصفت ضعفاً غير مقتدرِ ... والليل تقضيه ركضاً خلف خادعة من الطيوفِ وخلابٍ من الصورِ من ذا الذي يقاوم عقلاً يتقلب، وقلباً يعقل حيناً ويتغافل أحيانا، من ذا الذي يستطيع أن ينصف نفسه أمام قلبه حين يجور؟ يعاملنا كالغرباء ونعامله كالحبيب القريب حيناً والهاجر حيناً.. نهواه ونخشاه ونخشى من الهوى عليه، نتحرى عدله ونطلب منه إنصافاً لضعفنا معه، فيمعن في إقصائنا عن حالنا وعالمنا بصور على صفحة من سراب أخّاذ اللمعة، أيخدعنا أم نخدعه؟! يالجهلنا بتفاصيل حياتنا به، نحمله بين حنايانا ولكن هو من يركض بنا. تغزو وتحسب أن الغزو منتصر وأنت منهزمٌ في ثوبِ منتصرِ أما سألت فراشاً عن تجاربه مع اللهيب وما يرويه من خبرِ نشوانُ يرقص فوق النار محترقاً وبعض موتٍ نعيمٌ عند منتحرِ يا قلب أتعبني ما تستريح له فنحن ضدّان في وِردٍ وفي صَدرِ كم من هزيمة تلو أخرى تهاوت فيها بيارق أرواحنا بين جدرانه!! وكم من احتفال راقص ضمنا فيه بحنو وراح يحرك خطانا على إيقاع رقصة حبٍّ جذلى غيرَ مكترث بنيران تترقبنا على خطوط النهاية! أنخالفه؟ أنجرؤ على ذلك وهو يمسكنا ويركض ويركض إلى حيث لاندري؟ يتعبنا ونتعبه، ويزلزلنا طربه، ويشغلنا في فرحه وحزنه وكأننا لانلتقي إلا ذات تقاطع. أَشْجَى وترقص نشواناً وأكتمُ من وجدي وتبديه في وجهي على الأثَرِ وقد أضيق بثوبي حين أحمله وقتاً وتحمل أثقالاً مدى العُمُرِ يا لها من قلوب أرق من جناح فراشة، وأصلب من صوان، تسعدنا فنضيق بها وتحمينا فننهرها، تعلننا ونجحدها! فرفقاً بها علّها ترفق بكم. كاتبة